وغيرهما، وقد نهى عمر رضي الله عنه عن ذلك، وقال: " إنه يُورث البرص " (¬1)، ورُوي أن عائشة، أم المؤمنين رضي الله عنها، كانت تشمّس الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تفعلي يا حميراء، فإنه يورث البرص " (¬2).
وقال الأئمة: إنما ثبتت الكراهيّة بشيئين يجتمعان، أحدهما - أن يجرى [التشمِيسُ] (¬3) في البلاد الحارّة، دون المعتدلة والباردة.
والثاني - أن يكون التشمِيس في الجواهر التي ذكرناها، فإنّ حَمْيَ الشمس إذا اشتدّ على الماء فيها، فقد يعلوها شىء كالهباء، وهو الضارُّ فيما قيل. فأما التشميس في الخزف والغدران (¬4)، فلا يضرّ أصلاً.
وإذا كان المرعيُّ أمراً يتعلق بالطبّ، فلا فرق بين أن يشمَّس الماء قصداً، وبين أن تنتهي الشمس إلى إناءٍ من غير قصدٍ.
¬__________
(¬1) أثر عمر رواه الشافعي في الأم (1/ 3) عن إِبراهيم بن محمد، عن صدقة بن عبد الله، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله: أن عمر كان يكره الماء المشمس ... الخ.
قال الحافظ: "صدقة ضعيف، وأكثر أهل الحديث على تضعيف " إِبراهيم "، لكن الشافعي كان يقول: إِنه صدوق، وإن كان مبتدعاً ... ولحديث عمر الموقوف هذا طريق أخرى، رواها الدارقطني (1/ 39) من حديث إِسماعيل بن عياش، حدثني صفوان بن عمرو، عن حسان بن أزهر، عن عمر، قال: " لا تغتسلوا بالماء المشمس، فإنه يورث البرص " وإسماعيل صدوق فيما يروي عن الشاميين، ومع ذلك لم ينفرد به، بل تابعه عليه أبو المغيرة ... " انظر (التلخيص 1/ 27، 28 ح 8).
(¬2) حديث "لا تفعلي يا حميراء ... " أخرجه الدارقطني (1/ 38) وابن عديّ في الكامل (3/ 42)، وأبو نعيم في الطب، والبيهقي (1/ 6) من طريق خالد بن إِسماعيل، عن هاشم بن عروة، عن أبيه عنها. قال ابن عدي: " خالد كان يضع الحديث "، وتابعه وهب بن وهب أبو البخترى، عن هشام، قال: ووهب أشرّ من خالد. راجع (تلخيص الحبير: 1/ 24، 25 ح 5) لترى كل ما قاله الحافظ في رجال هذا الحديث، وطرقه. ونلاحظ أن إِمام الحرمين يورد الحديث بصيغة التمريض: "روي".
(¬3) في الأصل: " الشمس " والمثبت من: (د 3)، (م)، (ل).
(¬4) الغدران: جميع غدير، والغدير في الأصل، القطعة من الماء يغادرها السيل، والمراد هنا، تشمس الماء في مقره في الأرض.