كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 2)

705 - قال: "وأحب أن يكون المصلي بهم صالحاً فاضلاً ... إلى آخره" (¬1).
الكلام في صفة الأئمة يأتي بعد ذلك في باب، والغرض الآن ذكر كلام الأصحاب في أن القيام بالتأذين أفضل، أو القيام بالإِمامة؟ وقد اشتهر فيه خلاف، قال الصيدلاني: من أئمتنا من قال: التأذين أفضل؛ فإِن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء" (¬2)، ومنصب الأمين أفضل وأعلى من مرتبة الضامن. وقال عليه السلام: "المؤذنون أطول أعناقاً يوم القيامة" (¬3)، (¬4).
وقد اختلف في تفسيره، فقيل: أكثر الناس أتباعاً من الذين شُفعوا فيهم، والعُنق الجمع من الناس. وقيل: معناه أحراهم بالأمن؛ فإن الآمن في المجامع [يتشرف] (¬5)، والخائف يتطامن ويستخفي. وقيل: أصدقهم رجاء، ومن رجا شيئاً امتدّ عُنقه نحو ما يرجوه. وقيل: معناه لا يلجمهم العرق.
وكان شيخي يؤثر تفضيل الإمامة، وسمعتُه في نوب يقطع بذلك وزَيفَ ما عدَاهُ،
¬__________
(¬1) ر. المختصر: 62.
(¬2) حديث الأئمة ضمناء (صحيح)، رواه الشافعي عن أبي هريرة بهذا اللفظ، ورواه ابن حبان، وابن خزيمة، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والبزار، عن أبي هريرة أيضاً بلفظ: "الإِمام ضامن والمؤذن مؤتمن" وفي الباب عن عائشة، وعن جابر، وعن أبي أمامة (ر. ترتيب مسند الشافعي: 1/ 58 ح 174، 175، أبو داود: الصلاة، باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت، ح 517، والترمذي: أبواب الصلاة، باب ما جاء أن الإِمام ضامن والمؤذن مؤتمن ح 207، والبزار: 1/ 181 ح 357، وابن خزيمة: 3/ 15 ح 1528 - 1532، والمسند بتحقيق شاكر: 12/ 153 ح 7169، والبيهقي: 1/ 430، وابن حبان: 4/ 560 ح 1672، والحميدي: 2/ 438 ح 999، والطيالسي: 2404، والطبراني في الصغير: ح 289، 586، 783، ومشكل الآثار: 3/ 52، 56، والإِرواء: 1/ 231 ح 217، والتلخيص: 1/ 206 ح 304).
(¬3) حديث: "المؤذنون .. " رواه مسلم وأحمد وابن ماجة والبيهقي عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما (ر. مسلم: الصلاة، باب فضل الأذان، ح 387، أحمد: 4/ 95، 98، ابن ماجة: الأذان، باب فضل الأذان ح 725، البيهقي: 1/ 432).
(¬4) في هامش (ت 1): وروي إعناقاً، أي إسراعاً.
(¬5) في الأصل: "يتشوف" والمثبت من (ت 1). ومعنى يتشرف، أي يظهر، وُيشرف على الناس، ولا يتطامن ويتقاصر ويتصاغر ليخفى عن الناس.

الصفحة 61