كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 2)

1604 - وتمام الفصل وختامه أن ما أجريته في أثناء الفصل أن من أئمتنا في بعض صور الشهادة والتعديل يقول: وإن ظهر فوات الوقت، فالصلاة مؤداة في صبيحة الحادي، فهذا إنما نُجريه إذا كان الناس معذورين.
فأما إذا تركوا صلاةَ العيد على علمٍ وبصيرة حتى فات وقتها، فهي فائتة قطعاً، ولا يصير أحد إلى أنها مؤداة في الحال؛ فإنّ صورة اللَّبس شبهها بعضُ الناس بما يقع للحجيج، و [هذا] (1) لا يتأتى مع تعمد الإخراج عن الوقت؛ فإذاً لا يجري في التعمد إلا ما ذكرناه، من أن صلاة العيد هل تُقضى أم لا؟ وقد سُقنا ما يتعلق بذلك على ما يجب، والله المشكور.
فرع: ذكره العراقيون:
1605 - وهو أنه إذا كان يوم العيد يوم جمعة، فحضر من أهل القرى من بلغه النداء، وكان بحيث يلزمهم حضورُ جامع البلدة لإقامة الجمعة، فإذا حضروا للعيد، وعلموا أنهم لو انصرفوا، فاتتهم الجمعة، فهل يلزمهم أن يصبروا ليقيموا الجمعة، أم يجوز لهم أن ينصرفوا ويتركوا الجمعة؟ فعلى وجهين: أحدهما - يلزمهم الصبر، ووجهه في القياس بيّن.
والثاني - لهم أن ينصرفوا، وهذا هو الصحيح عندهم، وقد نقلوا فيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرخص لأهل القرى أن ينصرفوا ويتركوا الجمعة (2).
...
__________
(1) مزيدة من (ت 1)، (ل).
(2) حديث "الترخيص لأهل القرى في الانصراف" رواه أبو داود، وابن ماجة، والحاكم، من حديث أبي هريرة، ورواه النسائي معهم عن زيد بن أرقم، وروي أيضاً عن ابن عمر، وصححه الألباني (ر. التلخيص: 2/ 87 ح 697، وخلاصة البدر المنير: 1/ 238 ح 829، وأبو داود: الصلاة، باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد، ح 1070، 1073، وصحيح أبي داود: 1/ 199 ح 945، والنسائي: العيد، باب الرخصة في التخلّف عن الجمعة لمن شهد العيد، ح 1592، وابن ماجة: الصلاة، باب ما جاء إذا اجتمع العيدان في يوم، ح 1310، 1311).

الصفحة 633