كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 4)

وسلم كان يصبح جنباً من جماع أهله، ثم يتم الصومَ " (1) والمعنى أن الصوم لا يشترط فيه الطهر. ولو فرض احتلامٌ في أثناء اليوم، لم يُفسد الصومَ، وقد روى أبو هريرةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " من أصبح جنباً، أفطر "، فلما روت عائشةُ الحديثَ قال أبو هريرة: " سمعته من الفضل (2) بن العباس " (3)، قال العلماء: الوجه حمل ما رواه على أن الحكم كذلك كان، ثم نسخ (4)، واستقر الأمر على ما روته عائشة.
فصل
قال الشافعي: "وإن كان يرى الفجر لم يجب، وقد وجب ... إلى آخره" (5).
2283 - من أقدم على مفطرٍ في آخر النهار؛ ظاناً أن الشمس قد غربت، ثم تبين أنها لم تغرب، لزم القضاء، نص عليه الشافعي.
والسبب فيه أنه ظن انقضاء اليوم، ثم تحقق خلافُ ظنه، واليقين مقدم على الظن، ونقل المزني عن الشافعي مثلَ ذلك إذا فرض الغلط في أول النهار، فأكل ظاناً أنه في بقيةٍ من الليل، ثم استبان أنه صادف أكلُه النهارَ، قال: يلزمه القضاء.
واختلف أئمتنا في المسألة: منهم من قال: هذا الذي ذكره غلطٌ على الشافعي.
__________
(1) حديث عائشة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً ... " متفق عليه (البخاري: الصوم، باب الصائم يصبح جنباً، ح 1925، 1926، ومسلم: الصيام، باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، ح 1109.
(2) في الأصل: أم الفضل بنت العباس. والتصويب من البخاري ومسلم.
(3) حديث أبي هريرة متفق عليه، وفيه قصة رجوعه عنه، لما بلغه حديث عائشة، إذ قال: " سمعته من الفضل بن العباس، ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ". وهو عند البخاري ومسلم في نفس حديث عائشة السابق.
(4) قال ابن المنذر: أحسن ما سمعت في هذا الحديث أنه منسوخ. (ر. التلخيص: 2/ 388).
(5) ر. المختصر: 2/ 4.

الصفحة 20