كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 4)

الوصول مقصوداً في عينه، وهذا بعيد.
فأما ما يوصل الشيء إلى الجوف لا محالة، فهو مفطر، وإن لم يوجد قصدٌ إلى غير الوصول كفتح الفم في الماء وما في معناه.
2293 - ثم ذكر الشافعي أنه لو بقي شيء في خلَل الأسنان، فجرى به الريق من حيث لم يشعر الصائم، وهذا يخرج على التفصيل المتقدّم.
فإن أكل الصائم، ولم يتعهد تنقيةَ الأسنان، [وكان الغالب] (1) في مثله الوصولُ، فإذا اتفق، فهو ملتحق بقسم المبالغة في المضمضة. وإن جرى على الاعتياد في تنقية الأسنان، فبقيت بقيةٌ، فهذا يلتحق بغبار الطريق، ولا نكلفه مجاوزةَ الاقتصاد والاعتيادِ في التنقية، كما لا نكلفه تطبيق الفم حذاراً من الغبار والذباب، ولا نفرق بين قدر السمسمة والزائد عليها.
وإن صور مصور قدراً صالحاً، قيل له: اتّئد (2) في التصوير؛ فإن الإفراط فيه يوقع في قسم التفريط في ترك التنقية.
2294 - ولم يختلف المذهب في أن من نسيَ صومه وأكل، لم يُفطر، سواء استقل، أو استكثر، وسواء وُجد ذلك مرة واحدةً، أو تكرر مراراً، وقد روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " من أكل ناسياً، لم يفطر " (3) وروي في مأثور الأخبار أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر أنه أكل ناسياً، فلم يحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بفطره، فعاد مرة أخرى، أو مرتين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يحكم بفطره. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنك بعيد العهد بالصوم " (4)
__________
(1) في الأصل: وكذلك الغالب.
(2) في (ط): ابتدىء.
(3) حديث أبي هريرة متفق عليه بلفظ: " إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " (اللؤلؤ والمرجان: 2/ 20 ح 710 أما باللفظ الذي ذكره الإمام فقريب منه ما رواه الترمذي: الصوم، باب ما جاء في الصائم يأكل أو يشرب ناسياً، ح 721، والدارقطني: 2/ 180).
(4) حديث " إنك بعيد العهد بالصوم " لم نصل إليه مرفوعاً، ولا بهذا اللفظ، وإنما وجدناه=

الصفحة 27