كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 4)

جزاء الصيد خلاف، وتَرْكُ استثنائه من صاحب التقريب غفلة.
وذكر الشيخ في شرح التلخيص ما ذكره هؤلاء، وحكى عن صاحب التلخيص أنه استثنى كفارة الظهار، وقال لا يستحل المظاهر الإقدامَ على الوطء، ما لم يكفر. قال الشيخ أبو علي كفارة الظهار خارجةٌ على الخلاف، ولا معنى لاستثنائها، ثم قصة الأعرابي تعضد إسقاط الكفارة.
2314 - [ومما] (1) تلقاه الأئمة من الحديث التردُّدُ في أن الغُلمة إذا أفرطت هل تكون عُذراً في ترك الصيام؟ أي صيام الكفارة، وسبب هذا -على بعده- قصةُ الأعرابي؛ حيث قال: وهل أُتيت إلاّ من الصوم؟ وترددوا أيضاًً في أن ملتزم الكفارة إذا اتصف بكثرة العيال، وقلة المال، فهل له أن يصرف الطعام إلى أهله؟ وسبب ذلك تلك القصة أيضاً.
2315 - والرأي عندنا إلحاق قصة الأعرابي برخصةٍ خص الشارع بها مُعَيَّناً، وكثيراًً ما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم في قصة الأضاحي: " تَجْزِي عنك، ولا تَجْزِي عن أحدٍ بعدك " (2). وجرى مثل ذلك في إرضاع الكبير (3). وهذا وإن كان على بعدٍ، فهو أهون من تشويش أصول الشريعة، لقصةٍ ينقلها آحاد وأفراد.
__________
(1) في الأصل: وما.
(2) حديث: " تجزئ عنك .. " قاله النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة ابن نيار خال البراء بن عازب، وهو متفق عليه. البخاري: العيدين، باب الأكل يوم النحر، ح 955، مسلم: الأضاحي، باب: وقتها، ح 1961.
(3) يشير إلى قصة إرضاع سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه، وهي في صحيح مسلم من حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما (ر. مسلم: الرضاع، باب رضاعة الكبير، ح 1453، 1454) أي أن الإمام يراها رخصة خصَّ بها الشارع معيناً، فلا تتعداه إلى غيره.

الصفحة 42