كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 4)

ولكن لما عسر التحرز منه، عُفي عنه. ولو انقلع شيء من أسنانه، فازدرده الصائم، أو سال من العُمور (1) دم، فتجرعه على قصدٍ، أفطر. ولو جمع الصائم ريقه، ولم يتركه يجري على الخلقة، ثم ازدرده جملةً، ففي حصول الفطر وجهان: أصحهما أنه لا يفطر، وإنما نشأ الوجهان من لفظ الشافعي، فإنه قال: وأكره العِلْك (2)، فإنه يحلب الفم، فكأنه (3) حاذر اجتماع الريق على خلاف العادة.
وقال الأئمة: لو أخرج الصائم لسانه، وعلى طرفه ريقٌ، ثم ردّه، فلا بأس، وإن فارقت عذَبَة (4) اللسان الشفتين، فإن اللسان معتبر بداخل الفم، كيف تقلّب.
ولو أخرج شيئاً من ريقه، وتركه على طرف الشفة بارزاً، ثم ردّه إلى فيه، فهو بمثابة ما لو ألقاه على كفه، ثم رده، ثم الفطر يحصل به، وهو المذهب في البلل المتصل بالخيط المجرور، إذا رُدّ، فإن [القلة] (5) فيه (6) لا أثر لها في منع الفطر.
وما يقدّر وصوله بالمسام، فلا يتعلق الإفطار به، كالأدهان إذا تطلّى الصائم بها، أو صبها على رأسه.
وإدراك الذوق مع مجّ جِرْم (7) المذوق لا يؤثر في الصوم.
ولا يفطِّر الاكتحالُ والاحتجامُ، خلافاً لبعض السلف. ولا خلاف أن الافتصاد (8) لا يفطِّر.
وما يجري من النخامة من الدماغ إلى الحلقوم، فلا مؤاخذة به. هكذا كان يذكره شيخي، ولو تكلف صرفَه عن سَنَن الخلقة إلى فضاء الفم، ثم ازدرده، فهذا يفطّره.
__________
(1) العَمُر بفتح العين: لحم اللثة، والجمع عُمور. (المعجم).
(2) العِلْك بكسر العين: ضربٌ من صمغ الشجر، كاللبان، يمضغ فلا يذوب. (معجم).
(3) (ط): كأنه، (ك): فكأنهم.
(4) عَذَبةُ اللسان، بفتحتين: طرفه (المعجم).
(5) في الأصل، (ك): العلّة.
(6) ساقطة من (ط) وحدها.
(7) جرم بكسر الجيم: الجسد. (معجم).
(8) افتصد المريضَ: أخرج جزءاً من دم وريده بقصد العلاج. (معجم).

الصفحة 65