كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 4)

التتابعَ، كما لا نوجب التتابعَ في قضاء صيامٍ عن شهر رمضان.
ولو افتتح الوفاءَ، ثم خرج عن معتكفه لقضاء الحاجة، لم يؤثر خروجُه، ولم يلزمه استدراك زمان الخروج للحاجة، وإذا عاد، لم يلزمه تجديد النية، ولو خرج لا لحاجة -من غير استثناء-، فزمان خروجه لا يعتد به، ولا يبطل ما تقدم من الاعتكاف؛ فإن التتابع ليس مرعياً في هذا النوع، قصداً إليه، والاعتكاف في كل لحظة عبادةٌ على حيالها، فصار تخلل ما ذكرناه بمثابة تخلل الإفطار في أيام رمضان.
وكذلك لو فرض طريانُ مفسدٍ، وهو الجماع المفسد، [فلا] (1) يفسد ما مضى.
ثم كما لا يفسد ما مضى، لا يخرج باقي الزمان عن التهيؤ [لقبول] (2) الاعتكاف الواجب.
وإذا كان كذلك، فإذا فرض عودُه في الصورة التي انتهينا إليها، فالمذهب أنه لا بد من تجديد النية؛ فإن ما مضى عبادةٌ منفصلة، عما يستقبله الآن، وقد تخلل المفسدُ، أو الزمن الذي لا يعتد به. ولو رُددنا إلى القياس، لما اكتفينا بنية واحدةٍ، في أوقات، كما لا يكتفى بنية واحدة في أول شهر رمضان، ولكن تخصيص كل لحظة بنية عسرٌ، فلأجل ذلك انبسطت نيةٌ واحدة على الأوقات المتواصلة، فإذا تخلل ما يقطع التواصل، وجب الرجوعُ إلى الأصل المنقاس الذي مهدناه.
وذكر الشيخ أبو علي في هذه الصورة وجهاً آخر، عن بعض الأصحاب: أن النية الأولى شاملةٌ كافيةٌ، وقد نوى اعتكافَ العشر، فلئن طرأ ما لا يعتد به، فحكم النية باقٍ في البقية.
2377 - ومما يتصل بهذا القسم أنه (3) لو عين الناذر أوقاتاً لاعتكافٍ (4) متواصلة، واستثنى أغراضاً، فإذا خرج لها، على حسب استثنائه، لم يجب عليه تداركها في هذا القسم؛ من جهة أن (5) معنى استثنائه لها يرجع إلى حط أوقاتها عن الأوقات
__________
(1) في الأصل، (ك): ولا.
(2) في الأصل، (ك): والقبول.
(3) ساقطة من (ك).
(4) عبارة (ط): أوقات الاعتكاف.
(5) (ك): أنه.

الصفحة 92