كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 5)

2873 - فأما خيار الرؤية، فلا شك في ثبوته عند الرؤية، وهل يثبت قبل الرؤية للمشتري؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا يثبت؛ فإنه منوط في الخبر -إن صح- بالرؤية، كما سنرويه في آخر الباب.
والوجه الثاني - أنه يثبت الخيارُ قبل الرؤية؛ فإنا نُثبت له حقَّ الفسخ عند الرؤية، مغبوناً كان أو مغبوطاً، فلا معنى لاشتراط الرؤية.
ثم إن لم يثبت خيار الرؤية قبلها، لم ينفذ فسخُ المشتري، ولا إجازته. وإن أثبتنا الخيارَ قبل الرؤية، فينفذ الفسخُ ولا تنفذ الإجازة؛ لأن الفسخ مقصود الخيار، فنفذ لقوّته، ووقفت الإجازةُ على الرؤية. هذا ما وجدته في الطرق. فأما إذا رأى، فالخيار يثبت.
وأحسنُ ترتيب فيه: أنا إن أثبتنا للمشتري خيارَ المجلس عقيب العقد، فهذا الخيارُ يثبت على الفور، ولا يمتد امتداد المجلس، وإن قلنا: لا يثبت له خيار المجلس ابتداءً، فإذا ثبت له الخيار عند الرؤية، فهل يمتد امتدادَ المجلس، فعلى وجهين: أحدهما - أنه على الفور، كخيار العيب، ووجهه أنه معلّق شرعاً بالرؤية، وليس ممدوداً، فليقرن بها كخيار العيب المنوط بالاطلاع على العيب، وهذا هو الصحيح.
والوجه الثاني - أنه يمتد في حقه امتداد المجلس؛ فإنه لم يثبت له خيار المجلس، وهذا شبيهٌ بخيار المجلس، فكأنه اعتاضه عنه. فإن قلنا: خياره على الفور، فلا يثبت للبائع الخيار، وإن نفينا خيار المجلس عنه ابتداء؛ فإنا إذا حكمنا بأن خيار الرؤية على الفور، فلابد من اختصاصه بمن لم يرَ. وإن حكمنا بأنه يمتد امتداد المجلس، وأثبتنا للبائع خيار المجلس ابتداء، فلا خيار له عند الرؤية، بعد انقضاء المجلس.
وإن لم نُثبت للبائع خيارَ المجلس ابتداء، وحكمنا بامتداد خيار الرؤية في حق المشتري، فهل يثبت للبائع الخيار مع المشتري؟ على وجهين: أحدهما - لا يثبت، ويختص بمن لم يَرَ المبيع، والثاني - يثبت، وحقيقةُ الوجهين ترجع إلى أن هذا خيار المجلس أم لا، فكأن أحد القائلَيْن يزعم أن خيار المجلس يتراخى في بيع الغائب إلى وقت الرؤية، فعلى هذا يثبت الخيارُ للبائع مع المشتري، والثاني - يقول: ليس هو

الصفحة 11