كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 7)

ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ينكر عليه " (1).
أما المعاملات، فقد تُعبِّدنا فيها بالإعلام، ونُهينا عن العقد على الجهالة والإبهام، فاتّبعنا في كل بابٍ ما تعبدنا به.
4940 - ثم قال المزني: "فإن قارضه بألفٍ على أن ثلث ربحها للعامل، وما بقي من الربح، فثلثه لرب المال وثلثاه للعامل، فجائز" (2).
هذا كلام المزني. وغرض الفصل أن الربح إذا ذكر جزئيتَه، وانقسامَه على نسبةٍ معلومة، تهون الإحاطة بها، فلا شك في [صحة (3) العقد].
وإن أجرى نسبةً معقَّدةً، معلومةً في الحساب، ولكن كان يختص بدَرْكها العلماءُ بالحساب، ويتوصل إلى درْكها من ليس حسوباً إذا تفكّر، أو أرشده مفسّر، وهذا مثل أن يقول للعامل: لك ثلثُ الربح، وخمسُ تُسع عُشر الباقي، فهذا معلوم في طريق الحساب. ولكن إخراجَه يُحوج إلى تصحيح المسألة، وبسط طرق الحساب فيها، فالوجه أنهما إن كانا عالمين بالحساب ومُدرَكِه، وكان اللفظ المذكور في العقد مُعْلِماً في حقهما للمقدار، فيصح العقد قطعاً؛ فإنا نقول: لو قال رب المال لصاحبه: عاملتك، ولك من الربح ما شرطه فلان لفلان، فالمعاملة صحيحة إذا كانا عالمين بما ذكره فلان لفلان؛ تعويلاً على علمهما، فكذلك تصح المعاملة مع اطّلاع المتعاملين على ما يقتضيه الحساب.
هذا إذا انتجز علمهما بذلك الجزء حالة العقد.
فإن لم ينتَجز علمُهما حالة العقد، أو كان أحدهما غيرَ مهتدٍ إلى الحساب، ففي المسألة وجهان ذكرهما صاحب التقريب: أحدهما - أن المعاملة فاسدة، لعروّها عن العلم المطلوب حالة العقد. وهذا يتنزل منزلة ما لو قال: لك من الربح ما شرطه فلان لفلان، وكانا جاهِلَيْن بما شرطه، أو كان أحدهما جاهلاً، فالمعاملة فاسدة، وإن أمكن التوصل إلى ما ذكره فلان لفلان، كذلك القول في اللفظة الحسابية.
__________
(1) الحديث متفق عليه. وقد مضى في الحج.
(2) ر. مختصر المزني: 3/ 66.
(3) في الأصل: في الصحة.

الصفحة 513