كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 7)

المال، فيحلف على حسب ما يدّعيه، واليمين المردودة تقع باتّةً، وهي مشكلةٌ في هذا المقام؛ من جهة أنه لا مطّلع على النية إلا من جهة الناوي، ولكن [يمين] (1) الرد تستند في هذا المقام إلى قرائن ومخايل تظهر ولا يمتنع استناد الأيمان إلى أمثال ذلك، وسنقرر هذا على أبلغ وجه في أحكام القضاء، إن شاء الله عز وجل.
ومن المخايل في الباب أن رب المال لو كان سمعه يقر بأني اشتريت لجهة القراض، ثم جحد وأنكر، فللمدعي أن يعوّل على الإقرار الذي علمه، وهو أقوى من مخيلةٍ تخيلها، وقرينةٍ يرجم ظنه فيها.
7ا 49 - ولوح رجلان ألمفين إلى رجل، وقال كل واحد منهما: اشتر لي بالألف عبداً، فإذا اشترى عبداً بألف لأحدهما، فادّعى كلُّ واحدٍ منهما أنه اشترى له هذا العبدَ، فإذا أقر الوكيل لأحدهما قُبل قوله؛ إذ الرجوع إليه، والاعتبار بنيته.
ثم إذا حكمنا بالعبد لأحدهما، بحكم إقراره، فلو ادعى عليه الثاني، فهذا يُبنى على أنه لو أقر للثاني بعد الإقرار الأول، فهل يغرم للمقر له ثانياً قيمةَ المقر به. وفي هذا وفي أمثاله قولان، قدمنا ذكرهما.
وهذه المسألة تمتاز عن نظائرها بشيء، وهو أن قيمة العبد لو كانت ألفاً، وسلّم إليه كل واحد منهما ألفاً، [فهو] (2) إذا زعم أنه اشترى العبد لأحدهما، فالألف الآخر قائم في يده للثاني، فقد لا يفيد قولنا: إنه يغرم للثاني على قولٍ إلا إذا فرضنا تفاوتاً في قيمة العبد وثمن العقد؛ فإذْ ذاك يختلف القول.
فلنفرض هذه المسألةَ فيه إذا لم تزد القيمة، ويخرج عليه أنه بسبب هذا الإقرار لا يغرَم شيئاًً، ولا يصح أيضاًً رجوعُه عن الإقرار الأول. فإذا انتفى إمكانُ الرجوع، وانتفى الغرم، فلو أراد الثاني أن يحلفه، لم يكن له ذلك؛ فإنّ اليمين فائدتها الحمل على الإقرار، ولو أقر للثاني، لما أفاد إقرارُه شيئاً.
فإن قيل: هلا حلَّفتموه حتى إذا نكل تردّون اليمين على الثاني؟ قلنا: هذا لا وجه له؛ فإنا إن جعلنا يمين الرد كالإقرار، فقد سقطت فائدة إقراره، فلا
__________
(1) في الأصل: ليس الردّ (وهو تصحيف عجيب).
(2) في الأصل: وهو.

الصفحة 519