كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 7)

وإن أدى العامل ثمن العقد الأول من غير مراجعة رب المال، فتبرأ ذمةُ رب المال عن مطالبة البائع الأول. ولكن لا يجد العامل بما بذله مرجعاً، ولرب المال عليه الألفُ الذي صرفه في حق نفسه، وقد حصلت براءة ذمة رب المال بما فعله العامل.
4949 - ومما يتعلق بتمام المسألة أنا إذا صرفنا العبدَ الأول إلى جهة القراض، ثم تعدى المقارَض، وصرف الثمن إلى العبد الثاني، فذلك العبد الأول أمانةٌ في يد المقارض؛ فإنه لم يتعد فيه، وإنما تعدى في ثمنه، والتعدي في عوض الشيء لا يُثبت حكمَ العدوان ومُوجبَ الضمان في غير ما وقع التعدي فيه.
وهذا يناظر ما لو وكّل رجلٌ رجلاً يبيع عبدٍ، وسلمه إليه، فاستخدمه الوكيل، صار متعدياً لذلك، فلو تلف في يده قبل اتفاق بيعه، لكان ضامناً لقيمته، فلو (1) باعه وقبض ثمنه على حسب الإذن، فالثمن في يده أمانة.
4950 - وذكر القاضي رضي الله عنه في أطراف هذه المسألة أن رب المال لو قال للعامل: خذ الألفَ قراضاً، واشتر بعينه، أو قال: اشتر ما تشتريه في الذمة، ثم أدّ الثمن من الألف، فهذا تضييق وحجرٌ، وقد ذكرنا أن هذا الضرب من التضييق يُفسد القراضَ؛ من جهة أنه يخالف موضوعَه ومقصودَه. وهذا الذي ذكره حسن [فقيه] (2) إذا شرط عليه أن يشتري بعين الألف؛ فإن هذا تضييق، وقد تتفق صفقةٌ لا (3) يحضره الألف فيها، ولو انتظر إحضارَه لتعيُّنه، لفاتت، فهذا منافٍ للانبساط الذي يقتضيه وضع القراض.
فأما إذا قال: لا تشتر إلا في الذمة، فلستُ أرى هذا حجراً، وفيه غرضٌ؛ فإنّ تعيين الأعواض يجر [رباً] (4) وخبلاً لو لم يكن العوض من حلّه (5)، وإذا صادف العقدُ عوضاًً في الذمة، انقطع هذا الضرب من الشبهة، ورجع النظر إلى العوض الثاني، فإذا صحّ غرضٌ، ولم يتحقق تضييقٌ، لم يبعد الحكم بصحة القراض والشرط.
__________
(1) (ي)، (هـ 3): ولو.
(2) في الأصل: فيه.
(3) عبارة (ي)، (هـ 3): وقد يتفق أن لا يحضره الألف.
(4) في الأصل: يجرّ ريباً وخبلاً، وفي (ي): يجر زبناً وخيالاً، وفي (هـ 3): يجر عيباً، والمثبت تقدير منا.
(5) (حله) كذا في النسخ الثلاث.

الصفحة 522