كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 7)

في يدي ألف، فإنا نصدقه مع يمينه؛ لأنه أمين، فهو يتوصل بدعوى التلف إلى طرح
ما أقر به أولاً، ولا منافاة بين ما ابتدأه (1) وبين ما ادعاه آخراً، وهو مصدق فيهما.
وظهور هذا يغني عن بسط القول في تقريره.
فصل
قال: "وإن اشترى العامل، أو باع بما لا يتغابن الناس بمثله، فباطلٌ ... إلى آخره" (2).
4953 - المقارض في هذا المعنى كالوكيل، وقد ذكرنا أن الوكيل بالبيع المطلق لو باع بالغبن، لم يصح ذلك منه، والوكيل بالشراء المطلق لو اشترى الشيء بأكثر مما يساوي، لم يقع الشراء عن الموكِّل. ولكن إن كان وارداً على الذمة، انصرف إلى الوكيل، وإن كان وارداً على عين مال الموكِّل، بطل.
والقول في المقارض على هذا النحو، فإن باع عيناً من أعيان مال القراض بغَبْن، لم يصح، وإن اشترى شيئاً بعينٍ من أعيان القراض مع الغبن، لم يصح، وإن اشترى في الذمة ونوى جهة القراض، انصرف العقد إلى العامل.
ثم مما أجراه الفقهاء في هذا المجال أن ثمن العرْض إذا كان مائة، وقد انتهى المقوّمون إلى هذا المبلغ، ولم يتعدَّوْه، فهذا قيمةُ المِثل. فلو باع رجل مثلَ هذا العرض بمائةٍ إلا درهماً أو بخمسةٍ وتسعين، فقد لا يُعدُّ البائع مغبوناً. وكذلك لو اشترى هذا العرْضَ بمائةٍ ودرهم أو دريهمات، لا يُعدّ مغبوناً.
وعبَّر الفقهاء عن هذا فقالوا في جانب النقصان: هذا ممَّا يتغابن الناس بمثله، وقالوا في جانب الزيادة كذلك. والقول في هذا يؤول إلى أن الحكم بالقيمة لي أمراً مبتوتاً، وإنما هو مظنون، والنقصان القليل لا يخرم الظن، وكذلك الزيادة القليلة.
وليس معنا في هذا ضبطٌ ننتهي إليه. نعم، سنذكر أن المسروق لو قُوّم، فقد يبلغ
__________
(1) (ي)، (هـ3): ما ابتدأ به.
(2) ر. المختصر: 3/ 68.

الصفحة 524