كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 7)

نصاباً، وقد [يُفرض فيه خطأٌ] (1) قليل لا ينتهي إلى الغبن الظاهر، ويكون ذلك المقدار محتملاً، ولكن لو أخذنا به، لما وجب القطع؛ فإن نصاب السرقة توقيفي، وليس ثابتاً من طريق التقريب، فلا يوجب القطع إذن عند معظم المحققين؛ فإنّ إيجاب القطع [بقيمةٍ مظنونةٍ] (2) لا سبيل إليه. وسيأتي استقصاء ذلك في موضعه، إن شاء الله تعالى.
4954 - وحظ هذا الفصل مما ذكرناه أن الوكيل أو المقارض لو باع ما قوّم بمائة بخمسٍِ وتسعين، وكان لا يعدُّ مغبوناً، فالبيع نافذ، ولو باعه بثمانين، فالبيع مردود.
فلو فاتت العين في يد المشتري، فالقيمة تلزم، ثم يقع النظر في تغريم الوكيل وفي تغريم المشتري الذي تلفت العين في يده. فإن أراد تغريم الوكيل، أو تغريم المقارَض، فهل يُحطُّ عنه القدر الذي يتغابن الناس بمثله، حتى لا نغرمه إلا خمسة وتسعين مثلاً؟ ففي المسألة قولان، نص عليهما الشافعي في (الرهن اللطيف) (3) أحدهما - أنه يغرمه القيمة التامة، وهذا ظاهر القياس عنده؛ فإنه قد اعتدى بما فعل.
وحكمُ المعتدي ضمان القيمة، والرجوعُ في مبلغها إلى المقوِّمين، وقد قوّموا السلعةَ بمائة.
والقول الثاني - أنه لا يغرّمه القدرَ الذي يتغابن الناس بمثله، فإنه لو باع ابتداء بمائة إلا دريهماتٍ، لصح البيع، ونفذ، وقُبل منه ذلك الثمن. فلا ينبغي أن يغرم آخراً أكثر من ذلك المقدار.
وهذا فيه بُعد. ولم يذكر أصحابنا خلافاً في أن الغاصب يغرَم القيمة البالغة.
وليس لقائل أن يقول: القدر الذي يتغابن الناس [بمثله] (4) ليس ملتحقاً بالقيمة تعيُّناً،
__________
(1) في الأصل: يعرض فيه حط.
(2) في الأصل: بقيمته مضمونة.
(3) الرهن اللطيف: جزء من كتاب الرهن في (كتاب الأم). وهو في المطبوع يسمى (الرهن الصغير).
(4) ساقطة من الأصل.

الصفحة 525