كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 7)

سلّم المبيعَ قبل توفّر الثمن، هذا في البيع إذا (1) وقع نسيئة.
فأما إذا باع عيناً بثمن حالّ، وترك الإشهاد، لم ينسب إلى التقصير بترك الإشهاد لأمرين: أحدهما - أن العادة لم تجر بالإشهاد في البياعات الواقعة بالنقود، والمتبع في ذلك كله العرفُ. والآخر- أنه في بيع العين يستمسك بالعين حتى يتوفر الثمنُ عليه، فإن سلم العيْن وجحد المشتري الثمن، فهذا تفريط منه الآن؛ فيلزمه الضمان.
وقد اختلف أصحابنا في القدر الذي يضمنه، فقال بعضهم: يضمن الثمن، وقال آخرون: يضمن قيمة المبيع؛ لأنه برَفْع اليد عنه في حكم من يضيع حقَّ الوثيقة على المرتهن.
وقال القفال: يضمن أقل الأمرَيْن من القيمة أو الثمن؛ لأن القيمة إن كانت أقلَّ، فنقول: كأنه فوت العين، وإن كان الثمن أقلَّ في صورة التغابن، فحقُّه بعد العقد الثمنُ، بدليل أنه لو حَصَلَ الثمنُ، لم يكن عليه شيء بعده. فهذا ما قاله الأصحاب.
والأصح عندنا أنه يضمن الأقلَّ، كما قال القفال، وإن (2) كان الثمن أكثر، فتسليم العين لا يتضمن تفويتاً [للزيادة] (3)، فليقع التعويل على هذا.
والذي أراه أن من ذكر خلافاً في أنه يضمن الثمن أو القيمة، سنح له طرَفا الكلام ولم يستكملهما. والاحتواءُ عليهما يقتضي ما قاله القفال؛ فلا مزيد عليه.
4957 - ولو اشترى في القراض خمراً، أو خنزيراً، أو أم ولد، وسلّم الثمن، فلا شك في بطلان الشراء، وإنما الكلام في الضمان. فلو فعل المقارض ذلك على علمٍ، فهو ضامنٌ للمال الذي بذله، ثم لا تفصيل في شراء الخمر والخنزير بين المسلم والذمي. وإن كان الذمي قد لا يرى نفسه مُفرطاً في شراء الخمر، فلا معوّل على عَقده.
ولو كان المقارَض جاهلاً فيما زعم، بأن ظن الجارية قنّة، فإذا هي أمُّ ولد، لم
__________
(1) (ي)، (هـ 3): الذي وقع.
(2) (ي)، (هـ 3): فإن.
(3) في الأصل: في الزيادة.

الصفحة 528