كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 9)

العصر، حتى يقال: لا يقع الحكم بالإجماع إذا نشأ في العصر مخالفٌ قبل انقراض أهله؟ وقد ذكرنا أن المختار ألا يشترط انقراض أهل العصر (1).
فصل
قال: " وللابنة الو احدة النصف ... إلى آخره " (2).
6229 - نستفتح الكلامَ في ميراث الأولاد والبنين. ونحن نقول أولاً: انعقد الإجماع على أن الابن الواحد يحوز المال إذا انفرد، وليس لهذا ذكر في الكتاب والسنّة. وقال بعض أصحابنا: الإجماع انعقد عن شرع من قبلنا، وقد نقول (3): إن شرع من قبلنا شرع لنا، إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه، ووجه التمسّك بشرع من قبلنا أن الله تعالى أخبر عنه، فقال: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16].
وهذا مدخولٌ من وجهين: أحدهما - أنا نقطع في مسالك الأصول بأنا لا نتمسك بشرع من قبلنا (4)، والآخر أن قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16] كلام مستعار، والمراد به أنه قام مقامه في الملك، والنبوّة، ويشهد له قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ... } الآيات [النمل: 16 وما بعدها].
وتكلف بعض الأصحاب في هذا وجهاً آخر، فقالوا: قد ثبت أن الابن والبنت إذا اجتمعا، فالمال عند اجتماعهما مصروف إليهما على نسبة من التفاضل، فللابن ضعف ما للبنت حالة الاجتماع، فليكن للابن حالة الانفراد
__________
(1) راجع هذه المسألة في كتاب (البرهان في أصول الفقه لإمام الحرمين: فقرة 640، 641).
(2) ر. المختصر: 3/ 140.
(3) (ت 2): " وقد تقرر في الأصول أن شرع من قبلنا شرع لنا ". وراجع رأي الإمام في هذه القضية في كتابه (البرهان) الفقرات: 411 - 416.
(4) (ت 2): أنا لا نقطع في مسالك الأصول بأنا نتمسك.

الصفحة 41