كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 10)

ولم أره محكياً من جهة غيره، وكيف يُطمَع في حكاية غيره، ولم يتعرض لهذا التفصيل أحد، ولا بد منه.
قال الأستاذ: ذهب معظم أصحابنا إلى أن الاستثناء المطلق في هذا الوجه الثالث مصروفٌ إلى استثناء جزءٍ من الباقي بعد الوصية، وبهذا قال محمد بن الحسن، وهذا يتضمن تقليلَ الوصية، وتكثير الاستثناء، وذهب بعضُ أصحابنا إلى أن الاستثناء يُحمل على ما بعد النصيب.
توجيه الوجهين: من حمل على الأقل خرّج ذلك على أصلٍ ممهَّدٍ في الوصايا والأقارير، وهو أنها منزّلةٌ على الأقل المتيقَّن، وإذا فرض ترددٌ بين القليل والكثير، فالوجه حمله على القليل.
ومن قال بالوجه الثاني، احتج بأن الموصي ذكر النصيبَ وأضاف الاستثناء إلى الباقي فلينصرف الاستثناء إلى الباقي بعد المذكور، والمذكور هو النصيب. وهذا متجه تلقّياً من اللفظ.
فإن قيل: لم تذكروا هذه الوجوهَ الثلاثةَ فيه إذا كان الاستثناء بجزءٍ من المال.
قلنا: ذلك الاستثناء مضاف إلى ما بعد الوصية، لا (1) إلى ما بعد النصيب، ولا معنى لتقسيم الكلام فيه. وهذا بينٌ لا خفاء به، ونحن نذكر الوجهين الأولين المقيّدين بما بعد النصيب، وما بعد الوصية. ثم لا يخفى حكم الإطلاق تخريجاً على المذهبين.
6710 - فأما الاستثناء بجزءٍ مما بقي من المال بعد النصيب، فمثاله: رجل ترك ثلاثة بنين وأوصى لرجلٍ بمثل نصيب أحدهم إلا عشر الباقي من المال بعد النصيب.
فطريق الجبر أن نأخذ مالاً، ونلقي منه نصيباً، فيبقى مال إلا نصيب، فنزيد على المال عُشره، وهو مسترجع من النصيب، فمعنا مال، وعشر مال، ناقص بنصيب، وعشر نصيب. فإنّ المال إذا كان ناقصاً بنصيب، فعشره ناقص بعشر نصيب، وإذا كان الاستثناء من الباقي فأجزاء الباقي تتصف بما يتصف به الباقي، وليس كما تقدم من استثناء جزءٍ من المال كما سبق ذكره.
__________
(1) في الأصل: ولا إلى.

الصفحة 104