كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

8723 - [و] (1) هذا يتبين بمسألتين: إحداهما - أنه إذا قال: أنت طالق ثلاثاً في كل سنة طلقة، فراجعناه في قصد التعريف والتنكير، فزعم أنه لم يكن له قصد، فهذا عندنا ملتحق بمسائلَ ستأتي في الطلاق -إن شاء الله تعالى- مستندةً إلى قاعدةٍ لا سبيل إلى الخوض فيها الآن، ولكنا ننجز الجواب والفتوى على حسبها، فنقول: إذا زعم أنه أطلق اللفظ، ولم ينو تنكيراً ولا تعريفاً، ففي المسألة وجهان أخذاً من كلام الأئمة في قواعد الطلاق: أحدهما - لفظه يحمل على التنكير؛ فإن إطلاق الرجل قولَه سنة من غير تعريف محمول على سنة يضعها [ويعتبرها] (2) من تلقاء نفسه. هذا هو الغالب
في حكم الإطلاق.
والوجه الثاني - يحمل على السنة العربية؛ فإنه لا تعريف في كلامه. وقد يترجح أحد القولين على الثاني بمصادفته التعريف الشرعي.
وإذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً في كل يوم طلقة، وزعم أنه لم ينو تعريفاً ولا تنكيراً، فهذا محمول على اليوم المعرّف بلا خلاف؛ [فإنه] (3) المفهوم السابق إلى الأفهام، ومبتدأُ الأيام منفصلةٌ في الصورة بتخلل الليالي.
ولو قال: أنت طالق ثلاثاً في كل يوم طلقة، وزعم أنه أراد تكميل اليوم الذي كان فيه بساعات اليوم الآتي، فهو إن صدق في حكم الله تعالى محمول على حكم نيّته [تديّناً] (4). وإن قال: فاقبلوه مني ظاهراً، فهل [يحمل] (5) على هذا ظاهراً ويقبل قوله؛ فعلى وجهين سيأتي أصلهما، إن شاء الله عز وجل: أحدهما - أنه يقبل، لظهور الاحتمال مع النية، ولا مطمع في تمهيد هذه القواعدِ بعدُ، ومقدار غرضنا الآن إظهار الفرق بين السنين والأيام، وقد لاح على أبين الوجوه، والحمد لله رب العالمين.
__________
(1) الواو زيادة اقتضاها للسياق.
(2) في الأصل: "ويغيرها".
(3) في الأصل: فإن.
(4) في الأصل: بيّناً.
(5) في الأصل: محمل.

الصفحة 320