كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

ذكرتُها في أثناء الباب، وأنا أرى ذِكْرَها في هذا المقام، حتى ينتظم الكلام في الصّلات التي تصدر منها ومنه جميعاًً. قال الشافعي: "إذا قال الزوج: طلقتك ولي عليك ألف، وقع الطلاق رجعياً، وكان كما لو قال: طلقتك وعليك حج". وتعليل ما ذكره بعد العلم بأنه متفق عليه بين الأصحاب - أن قوله: "طلقتك" [مستقلٌّ] (1) في إيقاع الفراق، فلا يتعلق بشرط وعوضٍ إلا بصلة تُشعر بربط الطلاق إشعاراً صريحاً، وإذا قال: "طلقتك ولي عليك ألف" [فهو] (2) صريح في الإخبار، ولا يمتنع أن يقال: طلَّق، ونجّز، وأخبر (3).
فإن قيل: إذا قالت: طلِّقني ولك ألف، فلا يمتنع أيضاًًً حملُ قولها على الإخبار، قلنا: نعم هو كذلك، ولهذا اتجه تخريج القاضي، كما قدمنا ذكرّه، وإن
أردنا فرضاً، لم نعدمه؛ فإن استدعاء الطلاق ليس كلاماً نافذاً، وإذا اقترن بذكر المال، أفاد المجموعُ استدعاء الطلاق بالمال، وإذا قال الرجل: طلقتك، فهذا ْمستقل في تقيّد (4) الطلاق على الإطلاق، فلا يرتبط إلا بلفظ صريح. ويتجه أن يقال: قول المرأة: "طلقني" وإن [كان لا يلزمُ به طلاقٌ] (5)، فهو صريح في استدعاء الطلاق، فلا يتعلق إلا بصلة متصلة تقع صريحاً في اقتضاء الربط.
8748 - ومما يتصل بهذا أن الزوج لو قال بعد صدور الصلة التي وصفناها: أردت بقولي: "وعليكِ ألف" اشتراطَ الألف، وكان مرادي بقولي وعليكِ ألف ما يريده القائل بقوله: "أنت طالق بألف"، فهذا لا يقبل منه في ظاهر الأمر، هكذا قال شيخي وأئمة المذهب.
__________
(1) في الأصل: مستقبل.
(2) زيادة اقتضاها السياق.
(3) قوله: طلق، ونجز، وأخبر: معناه أنه يمكن أن يقال تفسيراً لقوله: "طلقتك، ولي عليك ألف" إنه طلق ونجز الطلاق، وأخبر بما له عليها.
(4) تقيّد الطلاق على الإطلاق: أي وقوعه مطلقاً من غير مال.
(5) في الأصل: "وإن كان لا ـه" كذا بهذا الرسم. والمثبت تقدير منا.
وعبارة العز بن عبد السلام: "بخلاف سؤالها؛ فإنه لا يفيد شيئاً بمجرده" (ر. الغاية: ج3 لوحة 117 ش).

الصفحة 341