كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

الطلاق يقع عندكم رجعياً، ويتعلق وقوعه بصورة القبول من المرأة، وإن كان المال لا يلزم؟ فاحكموا بأنها إذا قبلت المال في مسألتنا [بوقوع] (1) الطلاق رجعياً متعلقاً بصورة [قبولها] (2). قلنا: لا سواء؛ فإن المرأة إذا كانت من أهل الالتزام، فالطلاق معلَّق بوقوع الالتزام منها، فإذا لم تنو، لم تلتزم، وسنتكلم في المحجورة بما يشفي الغليل، إن شاء الله.
8753 - وإن قالت الزوجة: خالعني على ألف، ولم تَنْوِ استدعاءَ الطلاق، فقال الرجل: خالعتُك، ولم يذكر المال، غيرَ أنه نوى الطلاقَ، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه لا يقع به شيء؛ لأنه جواب لسؤالها، وهو مرتب عليها، وهي قد ذكرت المال صريحاً، ولكن امتنع حصول المال؛ لأنها لم تَنْوِ ربطَ التزامها بالطلاق، ولا ارتباط للزومٍ إلا بجهة الطلاق، وإذا لم يلزم المال، فقول الزوج مشروط في قرينة الحال بثبوت المال، وإذا لم يثبت السبب الذي قدمناه، لم يقع شيء. وهذا أقيسُ الوجهين.
ومن أصحابنا من قال: يقع الطلاق الرجعي، وينقطع قولُها عن قوله؛ بسبب أنها لم تلتزم المال على الصحة، والزوج في لفظه لم يذكر المال أيضاًً، وكلامه مع النية [مستقلٌّ] (3) في اقتضاءٍ الطلاق، وليس كما لو أعاد الرجل المال؛ فإن هذا لو فرض الابتداء به، لم يقع به الطلاق من غير فرض جواب.
وهذا كلام مزخرف (4)؛ فإن الحال في اقتضاء المال من جهة بناء قوله على قولها بمثابة تصريحه بذكر المال.
وقد يرد على هذا أيضاًًً أن الرجل يقول: قَوْلي: "خالعتك" لا [يقع] (5) به الطلاق من غير نية؛ فإنا نفرع على أنها كناية، وأنا ما نويت الطلاق على الإطلاق؛
__________
(1) في الأصل: يوقع.
(2) في الأصل: قبلها.
(3) في الأصل: بمستقل.
(4) في مختصر ابن أبي عصرون: "منحرف" ويبدو أنها هي الصواب.
(5) في الأصل: لا يقطع.

الصفحة 347