كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

والآن إذا انتهى الكلام إلى رعاية التواصل، فهو مذكور في الفصل الذي يعقب هذا إن شاء الله تعالى.
8760 - ومما يتعلق بهذا الفصل، وهو مَزِلّةٌ اضطرب فيها الطرقُ، وحقٌّ على من يبغي دَرْك الغايات أن يَصرف الاهتمامَ إليه. والوجهُ فيه أن نذكر [طرق] (1) الأصحاب طريقةً طريقةً، وننقل ما قالوه على ثَبَتٍ، ثم ننعطف، فنبدي ما فيه من الإشكال، ونبيّن على الاتصال ما يُنتج الإشكال، ثم نرجع رجعة أخرى، ونوضّح أن ما ذكرناه، وإن كان قياساً، [فهو] (2) مائل عمّا قال الأئمة بعض الميل، ثم نذكر وراء ذلك الممكنَ في توجيه ما نقلناه.
فلتقع البداية بتصور ما نريد، والتصوير مختلف أيضاًًً، والذي نقل عن القاضي أن الرجل إذا قال لامرأته: "أنت طالق على ألف"، ولم يتعرض للجنس المعدود بها، وقالت المرأة: "اختلعت على ألف" ولم توضح أيضاًً الجنسَ، ثم قال الرجل: عنيتُ به الدراهم، وأنتِ تعلمين ذلك، وقالت المرأة: عنيتُ به الفلوس وأنتَ تعلم أني عنيت بذكر الألف الفلوسَ، قال القاضي فيما نَقَل عنه من أثق به: يتحالفان، والرجوع إلى مهر المثل.
ووجهُ الإشكال فيما قال أنه فرض العقدَ معقوداً بألف مرسلة، ثم أخذ يدير التنازع على ما صورنا، وبنى عليه التحالف. وهذا في نهاية الإشكال؛ فإن إطلاق الألف حقُّه أن يفسد العقد، حتى يلزمَ الرجوع إلى مهر المثل، ولا أثر للتنازع، وموجَبُ هذا القياسِ البيّنِ أنهما وإن تطابقا على إرادة الدراهمِ بالألف المطلق، فالعقد لا ينعقد على الصحة، و [تحصل] (3) البينونة، فيقع الرجوع إلى مهر المثل؛ فإن العقود لا تعتمد في إبانة أعواضها النيّات، وإنما النظر في الإعلام والجهالة إلى صيغ الألفاظ لا غير، واللفظ مجملٌ مرسل في صورة المسألة.
__________
(1) في الأصل: طريقة.
(2) في الأصل: وهو.
(3) زيادة اقتضاها السياق.

الصفحة 353