كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

وذكر العراقيون مسلكاً آخر وغيروه قليلاً عما حكيناه عن القاضي، فقالوا: إذا قال الرجل: خالعتك على ألف درهم، ولم يكن في البلد نقد مطرد في الجريان؛ بل كانت فيه نقودٌ مختلفة، قالوا: إن اتفقا على أنهما قصدا ألفاًً معلومة من صنوف الدراهم، وتوافقا، فيصح الخلع، وذكر القاضي في الألف المرسلة مثلَ ذلك، إذا فرض التوافق على الجنس، ثم بنى العراقيون على ما قدروا من التصادق، فقالوا: لو أطلقا ألف درهم، ثم اختلفا، فذكر كل واحد منهم جنساً وصنفاً أنكره الثاني، فهل يتحالفان؟
قالوا: في المسألة وجهان: أحدهما - أنهما [لا] (1) يتحالفان؛ فإن التحالف لا يجري في النيات، وإنما يجري في صفة الألفاظ والعقود. وهذا ليس بشيء، والأصح التحالف، وهو الذي قطع به القاضي.
وذكر صاحب التقريب الألف المرسلة من غير ذكر جنس أصلاً كما ذكره القاضي، ثم سلك مسلك القاضي في التفريع.
8761 - ونحن بعدُ في مساق النقل، ولكنا نذكر في كل فصل من المنقولات ما يتعلق به في تهذيب النقل. فنقول الآن: لا معنى للتقييد بألف درهم إن صح الانعقاد مع اختلاف النقود، ولا فصل بين الألف المرسلة والمقيدة بجنس، هذا لا شك فيه. والبحث بعدُ أمامنا.
وذكر شيخنا أبو محمد طريقةً أخرى في المسألة، فقال: إن لم يتعارفا، ولم يتواضعا على أن المراد بالألف ماذا، فليس إلا القطع بفساد الخلع والرجوع إلى مهر المثل؛ فإن الجهالة متمحضة، لا دارىء لها سابقاً ولا [مقترناً] (2). وإن تواضعا على أن يعيّنا بألفٍ جنساً ونوعاً تواصفاه وأحاطا به، فالذي أطلقه (3) أنهما لو توافقا على موجب التعارف، وزعما أنهما عيّنا صنفاً تواضعا عليه، فالخلع ينعقد.
__________
(1) زيادة من المحقق.
(2) في الأصل: مقرناً.
(3) أطلقه: أي الشيخ أبو محمد.

الصفحة 354