كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

يقع الفراق بمثابة ما لو قال الزوج: خالعتك بألف درهم، فقالت: قبلت بألف فلس، ولو جرى ذلك، لم يقع شيء؛ فإنها لم تقبل ما طلقها عليه. وإذا رجع الخلاف إلى النية، فالبينونة واقعة بلا خلاف. فإن جرى التوافق في اللفظ وهو المعتمد في وقوع البينونة، ولا سبيل إلى دَرْئها، فإن قلنا: القول قولها فيما تعني، عارضه أن القول قوله فيما يعني، [فينتظم] (1) من مجموعه جهالة لا دَرْءَ لها، فالرجوع إلى مهر المثل، وليس في هذا كبير فائدة إلا أن الحلف يسقط، وإسقاط الحلف في نهاية البعد؛ فإن الأيمان لا تُعنى لأعيانها، وإنما يتوقع منها نكولٌ وردّ يمينٍ أو نكول [عن] (2) يمين الرد وإقرار، فحسْمُ باب الحلف لا وجه له. وإذا لم يحسم، فليس أحد الجانبين أولى من الثاني، ثم ثمرة الوجهين جميعاً الرجوعُ إلى مهر المثل، وإذا كان كذلك، فلا معنى لرد قياس التحليف مع الموافقة في المقصود.
وقد انتهى الكلام في ذلك.
8768 - فلو قال الرجل: عنيتُ بألفٍ [دراهم] (3)، وأنتِ تعلمين أني عنيتُها، وقالت المرأة: عنيتُ بالألف الفلوسَ وأنت تعلم أني عنيتُها، ولم يزيدا على هذا، ولم يدع واحد منهما على صاحبه أنك عنيتَ ما عنيتُ، فالذي نقله موثوق به عن القاضي أنهما يتحالفان، والرجوع إلى مهر المثل.
وهذه الصورة مشكلة؛ من جهة أن الزوج لا يستمر له دعوى الألف عليها ما لم يدع أنها قبلت الألف، وإنما صح قبولها بلفظها ونيتها، وكذلك القول في الطرف الآخر، فكيف الوجه في ذلك؟ الذي عندي فيه أن المراد بهذه الصورة هو المراد بالصورة الأولى؛ فإنه إذا قال: علمتِ ما عنيتُ معناه قبلتِ ما علمتِ، ففي التصوير إيجازٌ، وإلا، حاصل الكلام: أنك علمتِ قصدي وبنيتِ قبولك على ما علمتِ، وكذلك القول في جانبها.
فأما إذا لم يدّع الزوج عليها قبولَ الدراهم، والمرأة لم تدّع على الزوج التطليقَ
__________
(1) في الأصل: ينتظم.
(2) في الأصل: من.
(3) في الأصل: درهم.

الصفحة 362