كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

وإن اختلف قصدهما، بطل القصد؛ فإن شرط صحة القصدين بتوافقهما، فإذا اختلفا، بطلا، وصار كما لو لم يقصدا شيئاً. وهذا يعضده أن الطلاق لا مردّ له إذا وجد التوافق من طريق اللفظ، وعن هذا يظهر أن التردد في الباطن لا حاصل له، وإن كان ذلك غيباً فيما ذكرناه.
8771 - فإذاً الأحوال ثلاث: إحداها - أن يتوافقا في القصد، كاللفظ.
والحالة الثانية - أن يختلفا، فيدّعى كلٌّ مقصوداً من نفسه، ويدعي مثلَ ذلك من صاحبه، فهذه صورة التحالف.
والحالة الثالثة - أن يختلف القصدان فيحكم ببطلانهما، ورجع الخلع إلى العوض المجهول.
ويخرج من هذا أن القصد معتبر في الوفاق ساقط في الخلاف، فإن كان هذا ينساغ، فعليه تخرج أجوبة القاضي في التفريع، فإن وجب اعتبار القصد في الخلاف كما يجب اعتباره في الوفاق، فلا تصح أجوبته فيما ذكرناه من التفريعات المتأخرة.
وكل ما ذكرناه أصل واحدٌ من الأصلين الموعودين.
8772 - الأصل الثاني يتعلق بخلع الأجنبي بنفسه، وتوكيل المرأة إياه، وتوكيله المرأة، فنقول: لم يختلف العلماء -في أن الأجنبي لو سأل الرجلَ أن يطلق زوجته على مال، فأجابه- أن الخلع يصح، والعوض يلزم الأجنبي.
والمرأةُ لو وكلت أجنبياً حتى يختلعها من زوجها بمال تبذله المرأة، فذلك صحيح. وإن وكل الأجنبي أجنبياً، صح أيضاًًً، ولو وكل أجنبي المرأة حتى تخلع نفسها عن زوجها بمال يبذله الأجنبي الموكِّل، جاز. وهذه الأصول متفق عليها.
ثم من كان وكيلاً بالاختلاع، نُظر. فإن أضاف لزوم المال إلى موكِّله، لم يتعلق الطَّلِبةُ به، وكان في البَيْن سفيراً رسولاً. وإن التزم مطلقاًً ونوى بالتزام المال جهةَ موكله، فتفصيل القول في مطالبته كتفصيل القول في مطالبة الوكيل بالشراء، وقد سبق الكلام مستقصى في العُهدة. والمقدارُ الذي تمسُّ الحاجة إلى إعادته أن مستحق المال لو لم يصدِّق الوكيل في دعوى الوكالة، فله مطالبته، وإن صدقه، فظاهر المذهب أنه

الصفحة 365