كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

وستأتي هذه الألفاظ وحقائق معانيها في كتاب الطلاق.
8782 - فإذا ثبتت هذه المقدمات قلنا بعدها: إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق على ألفٍ، فهذا يستدعي قبولاً منها على الاتصال. وإن قال: أنت طالق إن شئت [فهذا يستدعي جواباً منها] (1) على الاتصال، كما تقدم، ولو جمع بينهما فقال: أنت طالق على ألف إن شئت، فقد اختلف أصحابنا في المسألة، فذهب بعضهم إلى أنه يكفيها أن تقول (2): شئتُ على الاتصال، وينتظم الخلع، ولزوم المال ووقوع البينونة بقولها: شئتُ. وهذا قد يدل عليه فحوى كلام الأئمة كالقاضي وغيره، وهو ظاهر كلام الصيدلاني.
ومن أصحابنا من قال: لا بد من الجمع [بين] (3) لفظ القبول ولفظ المشيئة.
وذهب بعض الأصحاب إلى أنه يكتفى [منها] (4) أن تقبل.
أما من اكتفى بلفظ المشيئة، فوجهه أن قول الرجل: أنت طالق [إن شئت] (5) ليس [في صيغته تعرُّضٌ من طريق التصريح] (6) لقبولها، ولكن لما لم يتصور منه أن يحتكم بإلزامها مالاً، اقتضى ذلك منها التزاماً، فكان قولها في معنى الضَّمَن (7)، كما وصفناه. فإذا قال: أنت طالق على ألفٍ إن شئت، فقد جعل متعلَّقَ الطلاق ولزومَ المال قولَها المجردَ شئتُ، فيجب أن يتعلق الأمران جميعاً به.
ولو قال الرجل لمن يخاطبه: بعت منك عبدي بألف درهم إن شئت؛ فالبيع
__________
(1) زيادة من المحقق.
(2) عبارة الأصل: أن تقول: إن شئتُ.
(3) في الأصل: من.
(4) زيادة اقتضاها السياق.
(5) زيادة من المحقق.
(6) عبارة الأصل: "ليس في صيغة تعرض من طريق ليصرح لقبولها " كذا بهذا الرسم تماماً.
(7) الضَّمن: الضمان والالتزام، من قولهم: ضمن ضَمَناً وضمانة التزم. (المعجم) وهو مصدر مسموع معروف مدونٌ في أواسط المعاجم، ولكنه غير مستعمل الآن، وهذا يُلزم من يتعرّض للنصوص التراثية بالتأني والتمهل وألا يسارع بالتخطئة والتغيير لما لا يجده مألوفاً عنده.

الصفحة 374