كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

لا ينعقد؛ فإنه لا يقبل التعليق؛ إذا (1) وضع البيع على المعاوضة المحضة، ومتضمنها أن يكون صَدَرُ شقَّي العقد من المتعاوضين على نسق واحدٍ، مع اجتناب التعليق من الجانبين جميعاًً، فهذا وجه هذا الوجه.
وأما من قال: لا بد من الجمع بين الإيجاب والقبول ولفظ المشيئة، فوجه قوله أن الزوج لما قال: أنت طالق على ألف، فهذا منه لو تجرد يقتضي اجتماعَهما: اجتماع القبول ولفظِ المشيئة منها، فليأت بهما جميعاً. ثم لا ترتيب، فإن شاءت قالت أولاً: قبلت وشئت. وإن شاءت قالت: شئت وقبلت.
والأصح الأول، ولا يستقيم على الفقه المعتبر في الخلع إلا ما ذكرناه في توجيه الوجه الأول. والذي يؤكده أنه لو قال: إن أعطيتني ألفاًً، فأنت طالق، فإذا أعطت ألفاًً، طُلِّقت وإن لم يوجد من جهتها تمليك؛ نظراً إلى ظاهر التعليق، واكتفاء بما يسمى إعطاء في الحقيقة. فإذا كان كذلك، فالاكتفاء بلفظ المشيئة في الحكم بوقوع الطلاق ولزوم المال جائز على هذا القياس.
فأما من يقول: لا بد من قبولها (2) ويقع الاكتفاء به، فاشتراط قبولها عنده موجبه [ما] (3) تقدم، وأما عدم اشتراط لفظ المشيئة [فقبولها] (4) المجرد في العرف يعد جواباً عن جميع كلام الرجل. وهذا القائل يغلّب مقتضى المعاوضة، ويشترط القبول؛ فإنه الركن.
وهذا الوجه عندي غلط صريح، ولم أره إلا لشيخي، فلا يجوز عده من المذهب، ولولا تكرر سماعي [منه] (5) لما أوردته، فيبقى الوجهان المقدمان، وأوضحهما الاكتفاء بلفظ المشيئة كما تقدم.
8783 - ثم يتفرع على ما ذكرناه أنا إذا اشترطنا لفظ المشيئة، واكتفينا به، فلا يصح
__________
(1) إذا: بمعنى: إذ.
(2) قبولها: أي قولها: قبلت.
(3) في الأصل: بما.
(4) في الأصل: وقبولها.
(5) في الأصل: فيه.

الصفحة 375