كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

فصل
قال: "ولو قال: أنت طالق إن أعطيتني ألف درهم ... إلى آخره" (1).
8788 - هذا الفصل عُدّ من مشكلات الكتاب (2)، وسبب الإشكال فيه اشتماله على خواصَّ للخلع سبق تعليلُ بعضها، وفيه أيضاًًً حُكمٌ قدمتُ في الأقارير استقصاءه، يتساهل فيه الفقهاء، ولم يفردوه هاهنا، فاجتمعت جهاتٌ من الإشكال، ونحن نأتي، بمضمون هذا الفصل موضّحاً، إن شاء الله عز وجل.
فإذا قال الرجل لامرأته: إن أعطيتني ألف درهم، فأنت طالق، فأول ما نذكره أنه لا حاجة في ذلك إلى قولٍ لفظي منها، فإنه لم يعلّق الطلاق على قولٍ؛ فلا يقتضي قولاً أو يتضمنه. وبيان ذلك أنه علق الطلاق على فعلها إذا (3) قال: "إن أعطيتني" وأخرج قولَه عن صيغة المعاوضة، التي تقتضي إيجاباً وقبولاً، فلا نشترط قولاً منها أصلاً. ثم الذي يجب البحث عنه في ذلك أنها إذا جاءت وسلمته إليه، فقد نقول: إنه يملكه على ما سيأتي ذلك في أثناء الفصل -إن شاء الله تعالى- وهذا تمليكٌ بمجرد فعلٍ من غير قبول.
وليس في قاعدة الفصل خلاف، وغموضه في أنه عديم النظير، وإلا فالتمليك في درك العقول في معنى التمليك بالفعل، والصحيح أن القبض في الهبة هو [المملِّك] (4) دون اللفظ المتقدم عليه. واتفق الأصحاب على ما ذكرناه أن من الهدايا والمنح ما لا يفتقر إلى اللفظ، وما يؤثر عن ابن سريج من كون المعاطاة معاقدة يتأكد بهذا.
8789 - ثم مما يتعلق بهذا أنها إذا جاءت بالمشروط ووضعته بين يدي الزوج، فإنه يدخل في ملكه قهراً، وإن لم يأخذه؛ فإنه ذكر لفظةً معناها الإعطاء، وهذا متحقق
__________
(1) ر. المختصر:4/ 85.
(2) واضحٌ أن المراد مشكلات كتاب الخلع.
(3) إذا: بمعنى إذ.
في الأصل: الملك.

الصفحة 378