كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

أن مطلق الدرهم في البيع والمعاوضات محمولة على الدراهم الجارية في العرف.
وليس الأمر على هذا الإطلاق عندنا.
ونحن نفصل القول فيه ونستعين بالله تعالى - فنقول: إذا كان في أيدي الناس نقود من أصنافٍ مختلفة النقوش والسكة، وكان الغالب في المعاملات صنفٌ منها، فإذا أطلقت الدراهم -والحالة هذه- انصرفت إلى ما يغلب، وصار جريان العرف واطراده بالمعاملة في ذلك الصنف بمثابة التقييد لفظاً [فيُفيد] (1) اقترانُ العرف من الإعلام ما يفيد التقييدُ نطقاً ولفظاً.
ولو كانت النقود كما وصفناها، فقال الرجل: لفلان عليّ ألف، فلا يتقيد المقرّ به بالنقد الغالب. وكذلك لو قال الرجل لامرأته - والنقود كما وصفناها: إن أعطيتني ألفَ درهم، فأنت طالق، لم يختص هذا بالنقد الجاري في البلد، بل لو أتت بألف من أي نقدٍ كان، وقع الطلاق بعد أن تكون وازنة.
وهذا موضع استفراق (2)؛ فإن النقد الغالب يتعين في المعاملات، ولا يتعين في الأقارير، ولفظ التعليق. وهذا عندنا -في المعنى والفقه- ليس بتفاوتٍ، وطريق الكلام فيه [أن المعاملات إخبارٌ عمّا نصف] (3)، والإقرار إخبارٌ عن ماضٍ، ولا يمكن أن نحكم على العادة بالاطراد فيما تقدم، فلا يتحقق كون العادة قرينة في المخبرَ عنه، فبقي الإجمال في الصنف.
وكذلك إذا قال لامرأته: إن أعطيتني ألف درهم. فليس تعليق الطلاق أمراً معتاداً، فلا يصير اطراد الاعتياد قرينةً فيه، وتحقيقه أن العادة لا معنى لها على الانفراد، والمعنيّ بجريانها، جريانُ المعاملات، والتعليقُ ليس مما يتكرر جريانه في الدراهم، [فكان] (4) مطلق الدراهم يجري على مقتضى الإطلاق فيها، ومقتضى الإطلاق التعميم بأي صنف أتت به وقع الطلاق، إذا كان نقرة وازنة. هذا في اختلاف النقود.
__________
(1) في الأصل: فعيد.
(2) موضع استفراق: أي طلب الفرق.
(3) عبارة الأصل: أن المعاملا عمت نصف.
(4) في الأصل: وكان.

الصفحة 381