كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

الجملة بالجملة وتوزيع الأبعاض على الأبعاض. (وعلى) كلمةُ شرطٍ ومن مقتضى الشرط وجودُ كمال الشرط في ثبوت المشروط.
وهذا الذي ذكره خيالٌ لا أصل له، والصلات مستوية في اقتضاء التعويض، وجريان التبعيض. ثم ما أشرنا إليه من التعويض لا يكفي في إجراء التبعيض، حتى نضم إليه نزوعَ المعاوضة في جانبها إلى الجعالة، كما سبق تقريرها. وإذا جرى كلام على البسط تأصيلاً، فلتقع القناعة بإحالة الفروع عليها. هذا أصل الفرع.
8808 - ولو سألت المرأة ثلاثاً بألف. وكان الزوج لا يملك إلا الطلقة الأخيرة، فطلقها تلك الطلقة. قال الشافعي: يستحق عليها تمامَ الألف. وقال المزني: لا يستحق عليها إلا ثُلثَ الألف، وذكر أبو إسحاق المروزي طريقة أخرى، اختارها لنفسه، وقد نزّل عليها نصَّ الشافعي بزعمه، فنذكر طريقته، ثم نذكر تصرفه على النص.
قال: الحكم يختلف بعلم المرأة وجهلها، فإن كانت تظن أن الزوج يملك عليها ثلاث طلقات، فإذا طلقها الطلقةَ الأخيرة، وكان لا يملك غيرها، لم يستحق عليها إلا ثلث الألف، ولو كانت عالمةً بأنه لا يملك عليها إلا الثالثة، فسألت الثلاث بالألف، فطلقها الثالثة، استحق تمام الألف، كما قاله الشافعي؛ لأنها لما سألت الثلاث مع العلم بأنه لا يملكها، حُمل سؤالها على تحصيل [الحُرمةِ] (1) الكبرى.
هذا أصل كلامه. ثم تصرف على النص، وزعم أن قول الشافعي، في ثبوت الألف بالطلقة الثالثة محمول على ما إذا كانت عالمةً [بأن] (2) الزوج لا يملك إلا الثالثة.
فنقول: لا يستقيم تصرفُ المروزي على النص لمسألةٍ تص عليها الشافعي في [الكبير] (3)؛ فإنه قال: لو قالت له: طلقني ثلاثاًً بألفٍ، وكان بقي له عليها طلقتان، فإن طلقها واحدة، استحق ثلث الألف، وإن طلقها ثنتين، استحق كل الألف. ولم
__________
(1) في الأصل: الجهة الكبرى. وهو من طرائف التصحيف.
(2) في الأصل: لأن.
(3) في الأصل: الكثير. والكبير هو من كتب الشافعي.

الصفحة 393