كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

يفرق بين حالة العلم وحالة الجهل، وهذا لا يستقيم على مذهب المروزي؛ فإن المرأة لو كانت عالمة، فمقتضى أصله أن الزوج يستحق عليها بالطلقة نصف الألف، تنزيلاً للعوض على معلومها. وقد قال الشافعي: لو طلقها طلقة استحق ثلث الألف، فإن حُمل استحقاق الثلث على جهلها، [فمذهبه] (1) أنها إذا كانت جاهلة فلو طلقها الطلقتين، استحق ثلثي الألف، فلا يستمرّ مذهب المروزي في هذه المسألة منطبقاً على النص، ولأن الشافعي أجرى جوابه في الطلقتين على نسق واحد، فقد بطل تصرفه (2)، وبقي مذهبه.
8809 - ومسائل الفصل مُدارة على ثلانة مذاهب: أحدها - النص، والآخر مذهب المزني، [والثالث مذهب المروزي] (3) ونحن نذكر قواعد المذاهب موضحة، ثم نذكر وجوهَها، ثم نفرع المسائلَ عليها.
أما مذهب الشافعي، فقاعدته أن المرأة إذا سألت الثلاثَ، فحصَّل الزوج لها الحرمة الكبرى، استحق عليها تمامَ العوض المسمى، ولا نظر إلى العدد، ولا فرق بين أن يكون الزوج مالكاً للثالثة أو لاثنتين، ومهما حصلت الحرمة الكبرى، تعلق (4) به استحقاق تمام العوض. وإن لم تحصل الحرمة الكبرى يوزّع المال المبذول على [العدد] (5) المسؤول، ونُظر إلى ما أوقعه الزوج، فوجب بقسطه من العوض؛ نظراً إلى التوزيع الذي ذكرناه، ولا فرق بين أن تكون عالمة أو جاهلة.
وبيان ذلك -على قدر الحاجة إلى تمام التفريع- أنها لو سألت ثلاثاًً وكان الزوج يملك واحدة أو اثنتين، فاستوفى ما يملكه؛ فإنه يستحق تمام العوض. ولو كان يملك طلقتين مثلاً، فطلقها واحدة، استحق ثلث الألف؛ لأنه لم يحصّل الحُرمة
__________
(1) في الأصل: فمذهبها.
(2) تصرفه: الضمير يعود على المروزي، والمعنى بطل تصرفه في نص الشافعي، فلا يستقيم، ولكن بقي مذهبه في التفريق بين علم المرأة وعدمه.
(3) زيادة لاستقامة الكلام.
(4) في الأصل: وتعلّق.
(5) مكأنها بالأصل كلمة (المال) مضروباً عليها.

الصفحة 394