كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

الكبرى، فيوزع المبذول على العدد المسؤول، وهي قد سألت الثلاث، فلم يجبها إلا إلى واحدة. هذا [أصل] (1) النص.
وأما قاعدة مذهب المزني، فتوزيع البدل على العدد المسؤول أبداً، سواءٌ حصّل الزوجُ الحرمةَ الكبرى، أو لم يحصِّلها.
وأصل مذهب المروزي أنها إن كانت جاهلة، فالبدل موزع على العدد المسؤول كما قاله المزني. وإن كانت عالمة بأن الزوج لا يملك تمام المسؤول، فالعوض يقابِل معلومَها وإن علمت أنه لا يملك إلا واحدة، فالعوض في مقابلته. فإن علمت أنه يملك طلقتين يوزع البدل على ما علمته ملكاً للزوج. فإن طلقها بثنتين استحق التمام؛ فإنه استوفى جميع ما علمت. وإن طلقها واحدةً، وهو يملك اثنتين، استحق نصف البدل؛ توزيعاً على معلومها، لا على مسؤولها.
هذا بيان أصول المذاهب الثلاثة. ولم ينسب أحد من الأصحاب مذهبَ المزني إلى مذهب الشافعي ومتبعيه إلا الشيخَ أبا علي، فإنه حكى أن بعض الأصحاب رأى مذهب المزني تخريجاً ملحقاًً بالمذهب. وهذا متجه؛ [و] (2) في كلام المزني، ما يدل عليه؛ فإنه قال: قياس مذهب الشافعي كذا وكذا، والذي يقتضيه الإنصاف تقديمُ تخريجه على تخريج غيره، فإذا كان تخريج ما ذكره على قياس الشافعي، فهو تخريج منه وقد يجانب مذهبُه الشافعيَّ ويخترع لنفسه مقالة؛ فإذ ذاك لا يُلحق بالمذهب.
8810 - توجيه المذاهب: أما مذهب المزني، فوجهه ظاهر؛ فإنها إذا سألت الثلاث بالألف، فقد قابلت عدداً بمبلغٍ، فإذا لم يحصّل الزوج من العدد إلا بعضَه بَعُد أن يستحق تمامَ البدل المسمى. ثم أكد المزني ذلك وتشوف إلى تقدير سؤال وأجاب عنه، فقال: إن نظرنا إلى حصول الحرمة الكبرى، فليست هي حاصلة بالطلقة الثالثة، وإنما تحصل باستيفاء العدد، والاستيفاءُ لا ينحصر معناه على الثالثة، بل إنما يحصل بالطلقتين السابقتين وبالثالثة المنجّزة، وإذا لم يجبها إلى العدد، فلم يأت بما
__________
(1) في الأصل: هذا الأصل.
(2) (الواو) زيادة لا يستقيم الكلام بدونها.

الصفحة 395