كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

صححنا [مخالعة] (1) الرجعية، وقعت الطلقتان الأخيرتان بثلثي الألف، وإن منعنا مخالعة الرجعية، وقعت الطلقات الثلاث من غير عوض؛ فإن الأولى وقعت رجعية، ثم امتنع بعدها ثبوت العوض.
هذا تفصيل القول مع فرض المسألة من غير غائلة.
8815 - فأما إذا سألت ثلاثاًً بألفٍ، فقال: أنت طالق واحدةً مجاناً، واثنتين بالألف، فإن جوزنا مخالعة الرجعية، فالوجه القطعُ بثبوت الألف، ولا حكم لما في لفظه من مخالفة المرأة؛ فإنها قابلت الثلاث بالألف، وقابل هو طلقتين بالألف، والسبب فيه أنه حصّل الحرمة الكبرى، وقد ذكرنا أنه إذا حصلها، فلا نظر إلى العدد، وهذا حكم النص، وعليه التفريع.
فإن فرع مفرّع المسألة على مذهب المروزي في حاله، فينقدح في هذه الصورة ألا تقع الطلقتان على موجب القياس الذي ذكرناه، من جهة مخالفة الزوج استدعاءها، وليست هذه المسألة بمثابة الأولى؛ فإنها مفروضة فيه إذا طلق الطلقة الأولى بالألف، مع العلم بأن الأولى لا تفيد الحرمة الكبرى، فاتجه فيها القياس الذي ذكرناه، من جهة [مخالفة الزوج استدعاءها] (2) وإن كان مذهب الأصحاب على مخالفته.
8816 - ومما نفرعه أن المرأة إذا قالت: طلقني واحدة على ألف، فقال: أنت طالق ثلاثاًً، قال الشافعي في هذه المسألة: طلقت ثلاثاً وله الألف. وقال أبو حنيفة (3): لا يستحق عليها شيئاً، وأبو يوسف ومحمد مع الشافعي.
معتمد المذهب أنه أجابها إلى ما سألت، وزاد. ولم يخالف أبو حنيفة في أنها إذا سألت ثلاثاً بالألف، فطلقها واحدةً، استحق ثلث الألف، وهذا أقرب إلى مخالفتها. وما ذكرناه فيه إذا قال: أنت طالق ثلاثاًً في مقابلة قولها: طلقني واحدة.
فإذا لم يُعد الزوج ذكرَ المال، فالجواب كما ذكرناه.
__________
(1) في الأصل: المخالعة.
(2) في الأصل: مخالعة الزوج استدعائها.
(3) ر. المبسوط: 6/ 182، وحاشية ابن عابدين: 2/ 562.

الصفحة 402