كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

الطلاق المنجز ينفذ بالمال، ولكن المسمى لا يثبت، والرجوع إلى مهر المثل.
والسببُ فيه أنها قابلت المال بتنجيز والتزامٍ في الذمة، والتزامُ الطلاق في الذمة فاسدٌ، فشرطه فاسد مفسد؛ وإذا فسدت صيغة العقد والطلاقُ المنجَّز لا مردَّ له، وقد تثبت المالية، فينحصر [أثر] (1) الفساد الواقع في صيغة العقد في المال المسمى. وهذا النوع من الفساد يوجب الرجوع إلى مهر المثل، على ما سنعقد في ذلك فصلاً جامعاً لمحل الخلاف والوفاق.
ثم لو فرض نكاحٌ، فلا شك أن الزوج لا يطالَب بالوفاء بما التزمه من الطلاق؛ فإنا أفسدنا الالتزامَ، ولو وجب الوفاء، لصح الالتزام.
8822 - الصورة الثانية: أن تقول: طلقني الواحدة التي تملكها، وعلّق طلقتين إن نكحتني يوماً ولك ألف، فإذا نجّز ما ملك، وعلق الطلقتين، كما استدعت، فالتعليق مردود، فإنه تعليقٌ للطلاق قبل النكاح، وصيغة استدعائها فاسدة [و] (2) الرجوع إلى كمال مهر المثل، كما ذكرناه في الصورة الأولى المشتملة على التزام الطلاق بدل التعليق. فهذا منتهى ما بلغنا من قول أصحاب القفال.
8823 - وذكر صاحب التقريب في المسألتين طريقةً أخرى حسنةً، فقال: قد جمعت المرأة بين طلاقٍ يصح الاعتياض عنه، وبين طلاقين لا يصح الاعتياض عنهما، وقابلت الكلَّ بعوض، فالوجه تخريج ذلك على تفريق الصفقة، ولو جمع الرجل في صفقة واحدة بين عبد يملكه، وعبدٍ مغصوب أو حُرٍّ، وفسد العقد في المغصوب أو الحر، ففي فساده في المملوك قولان، فليكن الأمر كذلك في الطلاق.
فإن قلنا بصحة تفريق الصفقة، فيصح الخلع متعلّقاً بالمسمى في الطلاق المنجز.
وإن حكمنا بالفساد لم يُرَدّ الطلاق، ولكن نحكم بفساد ما يقابله من المسمى، ثم نفرِّع عليه أنا إذا صححناه، فللمرأة الخيار، بسبب تبعّض المقصود صحةً وفساداً.
فإن أجازت، فبكم تجيزه؟ فعلى قولين: أحدهما - أنها تجيز بتمام المسمى. والثاني
__________
(1) في الأصل: بأثر.
(2) (الواو) زيادة اقتضاها السياق.

الصفحة 409