كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

جرى التعليق على العبد المطلق، فهذا مجهولٌ لا محالة، والمجهول لا يُستحق عوضاً، فيقع الطلاق إذاً، [والعبد] (1) مردودٌ عليها، ثم الرجوع إلى مهر المثل في هذه الصورة قولاً واحداً؛ فإنا إذا لم نثبت الشيء عوضاً لكونه مجهولاً، فلا طريق إلا الرجوع إلى مهر المثل.
8837 - هذا إذا أتت بعبدٍ هي مالكته، ويتصور منها إجراء التمليك فيه، فإن غصبت عبداً وجاءت به، فقد ذكر الأئمة وجهين في وقوع الطلاق: أحدهما -وهو الذي مال إليه المحققون، وقطع به معظمهم، منهم القاضي- أن الطلاق لا يقع؛ فإن الإعطاء متضمنه التمليك، فينبغي أن تأتي بما يتصور منها التمليك فيه، حتى إن فرض عدم جريان الملك فيه، فلا يكون من جهتها، وإنما يأتي تعذُّر جريان الملك، من جهةٍ أخرى، فتُسمَّى مُعْطية؛ من حيث بذلت الوسع والإمكان الصادر منها، فعند ذلك تسمى مُعطية، والذي يُحقِّق هذا أن الرجل قد يقول: أعطيت فلاناً شيئاً، فلم يقبله، فإذا أتى بمغصوبٍ، وقال: قد أعطيت فلاناً، فلم يقبل، كان كلامه مضطرباً، ورُدّ عليه: وكيف أعطيتَه، ولم يكن لك؟
فهذا بيان هذا الوجه.
والوجه الثاني - أن الطلاق يقع؛ فإنها لو أتت بعبدٍ مملوك لها، وصيغة التعليق ما وصفناه، وهو قوله: إن أعطيتِني عبداً، فالزوج لا يملك عبدها المملوك لها، فإذا كان هذا لا يُفضي إلى جريان الملك فيما تأتي به، فلا معنى لاشتراط كونه مملوكاً لها، بل يكفي أن يكون عبداً يُتصور فيه على الجملة إجراء الملك، حتى لو [أتت بحُرٍّ] (2)، لم نقضِ بوقوع الطلاق؛ من جهة أنها لم تأت بعبدٍ.
والذي أراه من متن المذهب الوجهُ الأول، ولا ينبغي أن يغتر الناظر بما ذكرناه في الوجه الثاني؛ فإن اللائق بعقد الخلع ذلك الوجه.
__________
(1) في الأصل: فالعبد.
(2) عبارة الأصل: "حتى لو أبت لم نقض بوقوع الطلاق" والتصويب والزيادة من عمل المحقق، بناءً على المعنى المفهوم من عبارة ابن أبي عصرون.

الصفحة 419