كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

الأصحاب موافقتُه. والذي ذهب إليه الجمهور، ودل عليه النص أنه لا يحنث. وهذا فيه إذا أطلق اللفظ. فأما إذا قال: عنيت بيميني أني لا أقول: بعت هذه الخمرة، فيحنث إذا قالها. وسيأتي تفصيل هذا في الأَيْمان، إن شاء الله عز وجل.
فإن قلنا: لا يقع الطلاق (1)، فلا كلام. وإن قلنا: يقع الطلاق، فالذي ذكره القاضي والصيدلاني أن الرجوع. إلى مهر المثل قولاً واحداً في هذه الصورة، لأنه لما قال: إن أعطيتني هذا المغصوب، فلفظه فاسد، وقد ذكرنا هذا الفن في كتاب الصداق، وأوضحنا ما فيه من مستدرك [وحكينا] (2) عن الأئمة قولين في أن الرجوع إلى القيمة أو إلى مهر المثل.
وذكر القاضي في بعض أجوبته أن الطلاق يقع رجعياً؛ لأنه قَنِع بهذا، وطرد هذا فيه إذا قال: إن أعطيتني خمراً، أو هذه الخمرة، فأنت طالق. قال: من أصحابنا من قال: يقع الطلاق رجعياً، وهذا متجه في القياس.
[وهو] (3) في نهاية البعد في الحكاية، ولا يقبل مثله إلا من مثل القاضي.
وإذا قال: [إن أعطيتني ميتة، كان كما إذا قال:] (4) إن أعطيتني خمراً، أجمع الأئمة عليه. وهذا لأمكان الانتفاع بالميتة في وقت الضرورة، أو بأن تجعل طعمة للكلاب والجوارح، أو بأن تعتقد مطلوبة في بعض الملل كالخمر.
8841 - ولو قال: إن أعطيتني هذا الحرَّ، فالكلام في وقوع الطلاق كما مضى.
وإذا حكمنا بالوقوع، فالأظهر أن الطلاق رجعيٌّ، ومن أصحابنا من أثبت البينونة والمالية، ثم يعود التردد في أنا نخرّج القولين، أو نقطع بالرجوع إلى مهر المثل.
__________
(1) عودٌ إلى ذكر الوجهين فيما إذا عين عبداً مغصوباً، وقال: إن أعطيتني هذا العبد المغصوب.
(2) زيادة اقتضاها السياق.
(3) في الأصل: وهذا.
(4) المثبت تصرّف في العبارة بالزيادة من المحقق، على ضوء المعنى، وأخذاً من عبارة العز بن عبد السلام، إذ قال: "والتعليق بإعطائه الميتة كالتعيق بإعطاء الخمر اتفاقاً؛ للانتفاع بها في الضرورات، وإطعام الجوارح". (ر. الغاية في اختصار النهاية: ج3 ورقة 123ش).

الصفحة 422