كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

هذا ما أردناه في أحد النوعين الموعودين، وهو ربط الطلاق على صيغة التعليق بإعطاء العوض.
8842 - فأما الكلام في المخالعة وإجراء الإيجاب والقبول من غير تعليق، فإذا قال الزوج: خالعتك على عبدٍ، فالطلاق يقع بقبولها، ولا حاجة إلى الإتيان بالعبد، والتقدير خالعتك على التزام العبد. ثم إذا قبلت، وكانت عبارتها صحيحة، وكانت من أهل الالتزام أيضاًًً، فيقع الطلاق بقبولها، ويلزمها مهر المثل، إذا (1) العبد مجهول.
وإن كانت صحيحة العبارة، ولم تكن من أهل الالتزام، فالذي وجدت [الطرق متفقة] (2) عليه أن الطلاق يقع رجعياً بقبولها، ولا مال.
والمذهب الذي عليه التعويل أنه لو قال لزوجته الصبية: أنت طالق على ألف، فقالت: قبلت [لم] (3) يقع الطلاق؛ إذ لا قول لها، وهي مسلوبة العبارة. ومن أصحابنا من خرج هذا على خلافٍ سيأتي ذكره -إن شاء الله عز وجل- في أن الرجل إذا قال لزوجته الصبية: أنت طالق إن شئت، فقالت: شئت، فهل نحكم بوقوع الطلاق؟ فقال هذا المفرّع: إذا حكمنا بوقوع الطلاق بلفظها في المشيئة فنحكم أيضاًًً بوقوع الطلاق بلفظها في قبول العوض. وهذا وإن كان له اتجاه، فهو بعيد؛ فإن ألفاظ العقود مستلبة على أصل الشافعي من الصبي والصبية، ولا يطرد سلب قولها في غير العقود.
8843 - ولو خالع الرجل على معين وجرى القبولُ ممن هو من أهله، ثم خرج ذلك المعيّن مستحقاًً، فلا خلاف في وقوع الطلاق، وليس كما لو علّق الطلاق بإعطائه، فخرج مغصوباً؛ فإن التعويل على صيغة المخالعة في وقوع الطلاق، على الإيجاب والقبول. ثم إن صح المسمى سُلِّم، وإن فسد وأمكن إثبات المالية، وقعت البينونة،
__________
(1) إذا: بمعنى إذ.
(2) في الأصل: الطريق عليه.
(3) في الأصل: فلم.

الصفحة 423