كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

التزاماً في حق نفسه، وليس كالمرأة إذا التزمت الخمر؛ فإنها قصدت خلعَ نفسها، [وافتداءَها] (1) بما تبذله من مالٍ أو شيء يُحصَّل في العرف بمال. وهذا فرق ظاهر.
وإذا كنا نقول: إذا خالع الرجل امرأته المحجورة لا تثبت المالية؛ لأنها ليست من أهل الالتزام في حق نفسها، فالأب ليس من أهل الالتزام في حق ابنته إذا كان يتصرف بحكم الولاية لها.
ووراء ما ذكرناه سرٌّ، لا اطّلاع عليه إلا عند نجاز الفصل، وتمامُ الكلام أن الأب يُتصوّر أن يختلع ابنتَه اختلاع الأجنبي إياها؛ فإن هو قصد أن يختلعها اختلاع الأجنبي لا على حكم الولاية، فالاختلاع على هذا القصد يُلزمُه الماليةَ، حتى لو اختلعها بعبد ابنته، [وكان] (2) كما لو اختلعت المرأة نفسها بعبد مغصوب. وتمام البيان بين أيدينا بعدُ.
8847 - وقدرُ غرضنا الآن التنبيهُ على مسلك الفرق على الجملة [فممّا] (3) نذكره وننقل ما فيه، وإن أخر الشافعي ذكره أن الأب إذا قال لزوج ابنته: طلِّقْها وأنت بريء عن صداقها، أو على أنك بريء عن صداقها، فإذا طلقها الزوج بناءً على ما ذكره الأب، فالذي صار إليه جماهير الأصحاب أن الطلاق [يقع] (4) رجعياً، ولا شك أن هذه المسألة تخرّج أولاً على أن الأب هل يملك الإبراءَ عن الصداق، وقدمنا تفصيل ذلك في موضعه.
فإن رأينا للأب الإبراء، فقد نقول: له أن يختلعها على البراءة من الصداق، والزوج يبرأ. وهذا مما قدمناه، فلا عَوْدَ إليه، والتفريع على أنه لا يملك الإبراء، فعلى هذا لا يبرأ الزوج بسبب الاختلاع، ويقع الطلاق رجعياً، هذا مقتضى النص، وهو الذي ذهب إليه جمهور الأصحاب.
وذكر صاحب التقريب وجهين في أن الطلاق هل يقع إذا حكمنا بأن البراءة
__________
(1) في الأصل: واقتداها.
(2) في الأصل: كان (بدون واو).
(3) في الأصل: مما.
(4) زيادة اقتضاها السياق.

الصفحة 427