كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

8857 - ومما يتصل بهذا القسم الذي نحن فيه أن المرأة إذا قالت: خذ مني ألف درهم، وأنت متخير في تطليقي إلى شهر، فإن عجلْتَه أو أخرته، فلك ألف إذا أوقعته في المدة المذكورة. قال الأصحاب: إذا أخر ثم طلق (1)، فهو كما لو قالت: لك ألف لو طلقتني غداً أو بعد شهر، فطلقها في الوقت المعيّن، وزعموا أن التفاصيل بجملتها تعود كما قدمناها. وفصل القاضي في هذه الصورة بين أن يكون عالماً بالفساد، وبين أن يكون جاهلاً به. وهذا منه (2) وإليه، ولو صح، فهو متروك عليه.
والذي قطع به الأصحاب أنه إذا طلق على قصد الوفاء لها، استحق مهر المثل لفساد الصيغة.
8858 - وهذا أوان التنبيه لأصل عظيم قد ذكرناه في تمهيد ماهية الخلع، وهو في ظاهر الأمر على مناقضة ما ذكرناه الآن، وذلك أن المرأة إذا قالت لزوجها: متى ما، أو مهما طلقتني فلك ألفٌ، فهذا اللفظ صريح في التأخير، ثم المأثور عن الأصحاب أنه إن طلقها على الفور، استحق المسمى، وإن تأخر الزمان، فطلقها، لم يستحق شيئاً.
وهذا على القطع يخالف ما ذكرناه الآن في الصورة الأخيرة؛ فإن قول القائل متى ما صريحٌ في اقتضاء التأخير، وتسويغه، فهو يناظر قولها: أنت بالخيار في تطليقي عاجلاً أو إلى شهر، فلئن كان الزوج بمبادرة الطلاق في المسألة المبنيّة على (متى ما) يستحق البدل المسمى، فيجب أن يستحق أيضاًً البدلَ المسمى إذا ابتدر الطلاق وإن خيرته؛ فإن (متى ما) يعطى إفادة التخيير في التعجيل والتأخير، وإن كان لفظ التأخير في مسألتنا مفسداً للمسمى؛ حتى يقال: وإن ابتدر الزوج الطلاق لا يستحق المسمى، وإنما يستحق مهر المثل، فيجب على مساق هذا أن يفسد الخلع إذا وقع استدعاء الطلاق بلفظ (متى ما).
__________
(1) ثم طلق: أي في المدة.
(2) كذا " منه وإليه " ولعل صوابها (وهذا معزو إليه).

الصفحة 437