كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

استحقاقه، ولا فرق بين أن تقول: إن طلقتني غداً، فلك ألف، [وبين أن تقول: طلقني غداً على ألف] (1) والأمر في جانب الزوج بخلاف هذا؛ فإنه إن قال: خالعتك على ألف، ملك الرجوع قبل إجابتها، وإن قال: إن أعطيتني ألفاًً، فأنت طالق، لم يملك الرجوع، والسبب فيه أن الطلاق إذا علق، لم يتصور الرجوع عنه [لا] (2) لصيغة التعليق، وذلك أن الطلاق في نفسه إذا علق، لم يملك الرجوع عنه. وكم من تعليق يُرجَع عنه.
والمرأة إنما تعلق المالَ وذكرَه، فكانت بمثابة ما لو قال الرجل: إن رددت عبدي الآبق، فلك كذا، فإذا أراد الرجوعَ، كان له ذلك، وقد ذكرنا أن الخلع في جانبها معاوضةٌ نازعةٌ إلى الجعالة.
وهذا نجاز الكلام في نوع واحد من الأنواع الثلاثة المذكورة في الفصل.
8860 - فأما النوع الثاني وهو الكلام في مقابلة تعليق الطلاق بالمال وهذا يفرض على وجهين: أحدهما - أن يبتدىء الرجل، فيقول: أنت طالق غداً على ألف درهم، فتقول: قبلت.
والصورة الأخرى - أن تقول المرأة مبتدئةً: علق طلاقي على مجيء الغد، ولك ألفُ درهم. وذكر صاحب التقريب وجهين في أن الخلع هل يصح كذلك، وهل يثبت البدل المسمى أم لا؟ حكاهما عنه الصيدلاني، ورأيتهما في كتابه: أحد الوجهين - أن المسمى يثبت؛ فإن معلَّق الطلاق كمنجزه؛ من جهة أنه لا مردّ له بعد إجرائه، وليس في حكم الوعد والالتزام في الذمة، حتى يظهرَ فيه الوجه الذي قدمناه في الفساد، والتعليقُ متصل بذكر المال وقبوله، ومن لم يستبعد إثبات المسمى في قول الرجل: متى أعطيتني ألف درهم مع الاستقصاء في وصفه، فينبغي ألا يستبعد تصحيح مقابلة التعليق بالمال. هذا أحد الوجهين.
__________
(1) زيادة من المحقق على ضوء السياق وحمداً لله، فقد وجدناها عند (ابن أبي عصرون).
(2) في الأصل: " إلا لصيغة .. " ومعنى " لا لصيغة التعليق " أن امتناع الرجوع إذا علق الطلاق يرجع إلى طبيعة الطلاق، لا إلى أن العقد معلق، فكم من تعليق يجوز الرجوع عنه.

الصفحة 439