كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

وإن حكمنا بصحة المسمى، فالأصح الذي عليه التعويل أنه يتوزع على مهور أمثالهما، فإن كان مهراهما متساويين، فعلى كل واحدة نصفُ البدل المسمى، وإن كانا مختلفين، وزعنا المسمى على مقداريهما، وتطالَب كل واحدة منهما بما يخصها.
وذكر الشيخ أبو بكر (1) قولاً آخر: أنا نوزع المسمى بالسوية على رؤوسهما، فلا ننظر إلى تفاوت المهرين وتساويهما.
وهذا لم أره إلا له، وأجراه القاضي قولاً، ولم يزيفه، ثم وجّهه الصيدلاني بأن الطلاق هو المقابَل بالمال، وطلاقُها وطلاق صاحبتها لا يختلفان في سبيل العدد، كما لا تختلف طلقات امرأة.
وهذا ضعيف، لا أصل له؛ فإن المقابَل بالمال أبضاعُهما، وسبيل حَلِّ النكاح عنهما الطلاقُ، فلا معنى للنظر إلى أعداد الطلاق، ثم أعداد النسوة.
ثم إن صح هذا الذي ذكره، فيتفرع عليه أمران: أحدهما -[أنه] (2) يجب القطع بصحة الخلع إذا كان تفريع التوزيع يُفضي إلى هذا، وربّ أصلٍ [يستبدل] (3) بفرعه في إجراء الترتيب. هذا لا بد منه، فيقال: إذا كنا نرى التوزيع على الرؤوس، فالبدل
__________
(1) الشيخ أبو بكر: المراد به هنا: الصيدلاني.
(2) في الأصل: أن.
(3) في الأصل: " يستبسل ". وأما الاستبدال الذي يشير إليه، فبيانه أن الأصل الذي جدد الإمام العهد به هو أن الرجل إذا خالع زوجتيه بمالٍ سماه، فالبينونة تقع، وفي صحة المسمّى خلافٌ: من قال: " لا يصح " علّل بالجهالة؛ فإنه لا يدري بماذا يُطالب كلَّ واحدةٍ منهما.
ومن قال: " يصح " جعل الرجوع إلى نسبة مهر المثل من المسمى: أي يطالب كل واحدة بما يساوي نسبة مهر مثلها من المسمّى.
ثم ذكر الصيدلاني قولآ آخر وهو أن المسمى يوزع بينهما بالسوية على الرؤوس، ووجّهه بأن المقابل بالمال هو الطلاق وهو لا يختلف من زوجة لأخرى.
فإذا صح هذا- وهو مفرع على صحة المسمّى، فنعتبر هذا الفرع أصلاً، ونقلب التفريع، ونقول: إذا كان التوزيع على الرؤوس فالمسمى ثابثٌ، وإذا كان التوزيع على مهر المثل، ففي صحة المسمى خلاف (هذا هو إبدال الأصل بفرعه).

الصفحة 443