كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 13)

وقد نجز تمام المقصود في ابتدائه بالمخالعة وابتدائهن بالاستدعاء وما يفرض من جمع وتفريقٍ في القبول منهم، وفي إجابة من الزوج.
8868 - ثم ابتدأ الشافعي هذا الفصل وغرضه الكلامُ في طريان الردة، ونحن نقول: إذا قالت المرأة: طلقني بألف، ثم ارتدت قبل إجابة الزوج، فأجابها الزوج بعد ردتها، فنذكر غرضَ الشافعي، ثم ننعطف على ما يتعلق به من الإشكال، قال الشافعي: إذا كانت المرأة غيرَ مدخول بها، فإذا ارتدت، انقطع النكاح بردّتها، ولغا طلاق الزوج؛ فإنه يقع بعد انفساخ النكاح.
وإن كانت مدخولاً بها، فليس يخفى أن انفساخ النكاح موقوفٌ عندنا، فإن أصرت على الردة، تبيّنا أن النكاح انفسخ مع الردة وأنها استقبلت العدة بعد الردة. وإن عادت إلى الإسلام في زمن العدة، تبيّنا أن [الردة] (1) لم تقتضِ انفساخ النكاح، والخلعُ يخرج على هذا التقدير، فإن أصرت حتى انقضت مدة العدة، لغا طلاق الزوج، وبان أن صدوره من الزوج بعد الانفساخ، وإن عادت، فالطلاق واقع، والخلع صحيح، هذا مراد الشافعي.
8869 - ثم يتطرق إلى ما ذكر أسئلةٌ وأجوبة عنها، مثلاً: إنّ قائلاً لو قال: هذا النص هل يدل على أن تخلل كلام بين الإيجاب والقبول لا يوجب انقطاع أحدهما عن الثاني؟ قلنا: قد استدل بهذا النص من صار إلى أن تخلل الكلام اليسير بين الإيجاب والقبول، لا يؤثر، ووجهُ الاستدلال أن الشافعي صحح الخلع مع تخلل كلمة الردة إذا جرت بعد الدخول، وفرض العوْد إلى الإسلام قبل مدة العدة.
وهذا فيه نظر عندي من قِبل أن الشافعي صور مسألته فيه إذا استدعت المرأة الطلاق، ثم ارتدت، ثم أجاب الزوجُ، فالكلام صادر من المرأة بعد فراغها عن الاستدعاء، وإنما يقع التناقش والبحث [فيه إذا] (2) جرى الإيجاب، فتكلم القائل بكلامٍ غير القبول، ثم قبل. وهذا يناظر ما لو تخالع الرجل مبتدئاً، فارتدت المرأة،
__________
(1) في الأصل: العدّة.
(2) في الأصل: فيه ما إذا.

الصفحة 451