كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 14)

نافع عن ابن عمر. وروى سالم ويونس بن جبير ومحمد بن سيرين عن ابن عمر، وفيه: "مره فليراجعها حتى تحيض ثم تطهر" (1)، وسنتكلم على هاتين الروايتين بعد تمهيد القاعدة في السُّنّة والبدعة، فنقول:
يحرم إنشاء الطلاق بعد الدخول عرياً عن العوض في زمان الحيض، والذي نضبط المذهب به أن هذا يؤدي إلى تطويل عدتها؛ فإن بقية الحيض لا يعتد بها، وإلى ذلك أشار الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذ قال: "فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تُطلق لها النساء" فعلل تحريم الطلاق بإفضائه إلى تطويل العدة، ولا مزيد على علة صاحب الشرع صلوات الله عليه.
ولو خالعها، فلا حظر ولا تحريم.
ولو طلقها [برضاها] (2) من غير ذكر عوض، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن ذلك سائغ؛ لمكان رضاها، فصار كما لو اختلعت نفسها.
والثاني - لا يجوز (3)؛ فإن حدود الشرع ومواقف التعبدات لا تختلف بالرضا والسخط.
8922 - فإن قيل: [على] (4) ماذا بنيتم أولاً تحريم الطلاق في الحيض؟ قلنا: صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال: "مره فليراجعها" ارتفع عبد الله إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أرأيت لو طلقتُها ثلاثاً"؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "إذن عصيت، وبانت امرأتك" وما قال عبد الله ما [قال] (5) معانداً، وقدرُه أعلى من هذا، وإنما قال مستفهماً؛ لأنه ما كان بلغه أمرُ (6) البدعة
__________
(1) ت6: "حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر". وفي هذا خلل واضح، فهو مخالف لما في كتب الحديث، ثم أي فرق إذاً بين هذه الرواية والتي قبلها.
(2) في الأصل: بغير رضاها.
(3) عدم الجواز هو الأصح المعتمد في المذهب. قاله النووي (الروضة: 8/ 4).
(4) زيادة من (ت6).
(5) في الأصل: كان.
(6) في الأصل: بلغه من أمر البدعة والسنة.

الصفحة 7