فإن وليّ الثاني فوّت بقتله حقَّ القصاص الثابت لولي القتيل الأول، فأحلنا عليه دية قتيله؛ [تقويماً] (1) للقصاص عليه.
ويلزم من مساق هذا أن يقال: إذا قتل الأجنبيُّ شخصاً لزمه القصاص في نفسه، يغرَم بما جرى منه ديةَ قتيلِ مستحِق القصاص.
وسر المذهب في هذا، وفي كل ما يتصل به يبين في فصلٍ بين أيدينا، وهو إذا قتل أحد الأولياء [لقتيلٍ] (2) واحد الجانيَ، فكيف سبيله؟ والمذهب الذي عليه التعويل في هذا الفصل أن من بادر وقتل الجاني من أولياء القتلى، وقع القصاص عن حقه وللباقين الديات في تركة القتيل، [فكل] (3) واحد من الأولياء مستحِقٌّ للقصاص التام، ولكن المحل لا يفي بعددٍ من القِصاص، فإن قدمنا بعض الأولياء، فذاك بحق تقديمٍ وأصل استحقاقٍ قائم في حق كافة الأولياء.
10421 - ولو ازدحم الأولياء وتمالؤوا على الجاني وقتلوه، ففي وقوع القتل وجهان: أحدهما - أنه [يقع عن الأولياء] (4) مفضوضاً عليهم، ولكل واحد الرجوع إلى حصته من الدية على ما يقتضيه التقسيط والتوزيع، [ووجهُ] (5) هذا الوجه أن القتل وقع عن جميعهم، ويستحيل أن ينسب مستحِق القصاص إلى القتل، ثم لا يقع غيرُ ما انتسب إليه؛ فإن كل واحد لو قدر منفرداً بالقتل، لكان ما صدر منه واقعاً عن حقه على المذهب الذي عليه التفريع، ولا عوْد إلى غيره، فإذا انتسبوا إلى القتل، وجب صرف القتل إلى الجمهور (6).
__________
(1) في الأصل: "تقويم".
(2) في الأصل: "بقتيل".
(3) في الأصل: "وكل".
(4) في الأصل: "لا يقع عن الأولياء، وهو خطأ صريح".
(5) في الأصل: "ووجهه".
(6) الجمهور: أي مجموع الأولياء الذين يستحقون القصاص عن قتلاهم.
ومعنى فض الفعل عليهم ورجوع كل واحد إلى قسطه من الدية، أن القتلى إذا كانوا عشرة مثلاً، فيستحق أولياء كل واحد عُشر القصاص من هذا الجاني الذي اجتمعوا عليه وقتلوه، ويبقى لكل واحد منهم تسعةُ أعشار الدية في تركة هذا الجاني.