كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 16)

وقال صلى الله عليه وسلم: "لزوال الدنيا أهون على الله من سفك دم امرىء مسلم" (1). وقال عليه السلام: "من سعى في دم مسلم ولو بشَطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه الآيس من رحمة الله" (2).
ذكر الشافعي الأصلَ في القصاص من الكتاب والسنة، قال الله تعالى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْل} [الإسراء: 33] فقيل: معناه لا يقتل غير القاتل، وقيل معناه النهي عن المثلة، وقال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] وقال: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَاب} [البقرة: 179] وهذا من إيجازات القرآن، وهو المعنِيُّ [بقول العرب] (3): "القتل أنفى
__________
= وحديث عائشة رواه مسلم وأبو داود، وحديث عثمان رواه الشافعي وأحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث أبي أمامة بن سهل عنه (البخاري: الديات، باب قول الله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْس} [المائدة: 45]، ح 6878. مسلم: القسامة، باب ما يباح به دم المسلم، ح 1676، أبو داود: الحدود، باب الحكم فيمن ارتد، ح 4352، الترمذي: الديات: باب ما جاء لايحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث، ح 01402 النسائي: المحاربة، باب ذكر ما يحل به دم المسلم، ح 04021 ابن ماجه: الحدود، باب لا يحل دم امرىء مسلم إلا في ثلاث، ح 2533، 2534 0 الأم للشافعي: 6/ 3، أحمد: 1/ 61، 63 وصححه الشيخ شاكر (ح 437، 438) 0 الحاكم: 4/ 350 0 التلخيص: 4/ 27 ح 1868).
(1) حديث "لزوال الدنيا أهون ... " رواه الترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو، ورواه
ابن ماجه من حديث البراء (الترمذي: الديات، باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن،
ح1395، النسائي: تحريم الدم، باب تعظيم الدم، ح 3986 - 3989، ابن ماجه:
الديات، باب التغليظ في قتل مسلم ظلماً، ح 2619).
(2) حديث: "من سعى في دم مسلم ولو بشطر كلمة ... " رواه ابن ماجه والبيهقي من حديث أبي هريرة، وقد ضعف الحافظ إسناده، كما عدَّ ذكر ابن الجوزي له في الموضوعات من المبالغة (رواه ابن ماجه الديات، باب التغليظ في قتل مسلم ظلمأ، ح 2620، السنن الكبرى للبيهقي: 8/ 22، ثلخيص الحبير: 4/ 28 ح 1870).
(3) في الأصل: "بقوله صلى الله عليه وسلم".
وهو سبق قلم من الناسخ (أو من الإمام) - لا شك في ذلك، وكنا نودّ أن نقصر ذلك على الناسخ وحده، لولا أننا وجدنا الغزالي في (البسيط) تابعَ (النهاية) في ذلك، فدل على أنه شيء قديم، وعلى احتمال كونه من الإمام. =

الصفحة 6