كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 16)

جراحةً عمداً، فمات بالجُرحين، فلا قصاص في النفس، ويجب نصف الدية مخففاً على العاقلة، [ونصفها] (1) مغلظاً في ماله.
ولو جرح السيد عبده [عمداً] (2)، ثم أعتقه، وجرحه في الحرية، ومات بالجرحين، فلا قود قولاً واحداً، ولا نقول: الجراحة الثانية عمد مُضمِّن، والأولى غيرُ مضمِّنة، ولكنها عمد [فتخرج] (3) على قولين، كما لو تعدد الجارح وأحدهما غير ضامن (4)؛ فإنه إذا صدر من شخصٍ واحد جراحتان، ولا ضمان في إحداهما، فينتهض ذلك سبباً في درء القصاص عنه لا محالة، فليتأمل الناظر ما ينتهي إليه، [ففعله] (5) إذا انضم إلى فعله، امتزجا.
وكذلك لو جرح مرتداً، ثم أسلم المجروح، فجَرَحه في الإسلام، وكذلك لو جرح حربياً، فأسلم المجروح، فجَرَحه ذلك الجارح في الإسلام مرة أخرى، فلا قصاص في [هذه] (6) المسائل.
وكذلك لو قَطع يده قصاصاًً، وجرحه جرحاً آخرَ ظلماً، فمات منهما، فلا قصاص في [النفس] (7)، ولا نجعل الإنسان بأحد فعليه شريكاً لنفسه في الفعل الآخر (8).
ولو جرح مسلم ذمياًً، فأسلم المجروح، فجَرَحه المسلمُ جرحاً آخر، فمات من الجرحين جميعاً، فلا قصاص في النفس، فإن كان الجرح الأول عمداً مضموناًً، فقد
__________
(1) في الأصل: "وبعضها".
(2) زيادة اقتضاها السياق.
(3) في الأصل: "فخرج".
(4) إلى هنا انتهى مقول القول لقوله: ولا نقول.
(5) في الأصل: "بفعله".
(6) زياة لاستقامة العبارة.
(7) في الأصل: "النقص".
(8) لا تختلط هذه المسألة بالمسألة السابقة التي قطع فيها الإمامُ اليدَ قصاصاًً، ففيها قولان في وجوب القصاص، أما هنا فالذي قطعَ اليدَ هو مستحق القصاص وهو الذي جرح، فلا فصاص في النفس قولاً واحداً.

الصفحة 80