كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 17)

ولو ادعى وقد أشار إلى جمع محصورين- أعلم أن قاتل أبي منكم، [ولا] (1) أدري [أيكم] (2)، فأحلفكم واحداً فواحداً، فهل له ذلك؟ فعلى وجهين مشهورين: أحدهما - ليس له ذلك؛ فإن اليمين تترتب على الدعوى، وإذا لم تتعلق الدعوى الجازمة بالمحلَّف، لم ينتظم تحليفه، والثاني - له أن يحلفهم كذلك، لأنه يتطرق به إلى إظهار غرضه، ومن كان صادقاً منهم، فلا عليه لو حلف.
وقال بعض المصنفين: إن قال: قاتل أبي واحد منهم، فليس له أن يحلّف أحداً منهم، فإن قال: قتل أبي هؤلاء أو واحد منكم، ففي المسألة وجهان حينئذ. وهذا لا أصل له، ولم يصر إلى هذا التفصيل أحد من الأصحاب، بل اتخذ الوجهين فيه إذا قال: قاتل أبي واحد منهم، والذي يُبطل التفصيل الذي حكيناه [أنه] (3) إذا لم يعلق دعواه جزماً، بل رددها بين الجمع والواحد، فلا فائدة في ربط الدعوى بالجمع، إذا كان على الترديد.
10898 - ثم طرد الأصحاب هذا الخلاف في غير الدم، على تفصيل سنذكره الآن، فإذا قال: استلف مني واحد من هؤلاء ديناراً أو ثوباً وَصَفَه، وأعلم أنه فيهم، ولست أعرفه بعينه، فهل له أن يحلِّفهم؟ فيه الخلاف الذي ذكرناه.
وكذلك إذا أضلَّ متاعاً بين جماعة [فاختزله] (4) واحد منهم، فأراد أن يدعي على الإبهام، فهو على الخلاف.
فأما إذا أقرض ماله إنساناً، ثم سها عنه، فقال: المستقرض منِّي في هؤلاء، وقد
__________
(1) في الأصل: " لا ".
(2) مكان بياض بالأصل.
(3) في الأصل: " وأنه ".
(4) مكان كلمة مطموسة بالأصل، والمثبت تقدير منا على ضوء خيالات وأطراف الحروف الباقية.
واختزله: اقتطعه خيانة، ويقال: اختزل الوديعة خان فيها، ولو بالامتناع عن ردها، وفي الأساس للزمخشري: اختزل شيئاً من المال، والمعنى أنه اقتطعه (المصباح والأساس) ثم وجدت هذا اللفظ (الاختزال) عند الغزالي (في البسيط) بهذا المعنى.

الصفحة 20