صلى الله عليه وسلم: " من فرّق بين والدة وولدها، فرّق الله تعالى بينه وبين أحبته يوم القيامة " (1).
واتفق علماؤنا على أن التفريق محرّم، وليس النهي الذي أطلقناه نهيَ كراهية، فإن فرّق المالك بينهما في البيع، فباع الأم دون الولد، أو الولد دون الأم، ففي انعقاد البيع قولان: قال في القديم: ينعقد، وهو مذهب أبي حنيفة (2)، وقال في الجديد: لا ينعقد؛ لأن النهي متعلق بالمنهي عنه قصداً، وهو محمول على الفساد، وقد روي: " أن جارية بيعت دون ولدها، فردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم البيع " (3).
ولو كان للولد أم وجدة، فبيع مع الأم كفى، ولو بيع مع الجدة دون الأم، فعلى قولين. ولو لم يكن له أم، وكانت له جدّة. قال الأصحاب: الجدة كالأم، وقطعوا بهذا، ولفظهم: الجدة كالأم عند عدم الأم، وأرادوا بذلك أن الأم إن كانت رقيقة فالاعتبار بها، ولا حكم للجدة معها.
فأما التفرقة بين الوالد والولد، فهل تحرم؟ على قولين: أظهرهما - أنها لا تحرم؛ فإن الأخبار في الوالدة، وهي أيضاً تختص بنهاية التحنن والشفقة، وضعف
__________
=لأبي عبيد: 2/ 405، التلخيص: 3/ 36 ح 1170، مشكل الوسيط لابن الصلاح- بهامش الوسيط: 7/ 30، ضعيف الجامع الصغير: 6280، سلسلة الضعيفة: 4797، المجلد العاشر، القسم الأول، ص 338).
(1) حديث " من فرّق بين والدة وولدها ... " رواه أحمد (5/ 413، 414)، والترمذي وقال: حسن غريب: البيوع: باب ما جاء في كراهية الفرق بين الأخوين، أو بين الوالدة وولدها في البيع، ح 1283، الطبراني في الكبير: 4/ 217، والدارقطني: 3/ 67، والحاكم وصححه على شرط مسلم (2/ 55) كلهم من حديث أبي أيوب. قال الحافظ: وفي إسنادهم حي بن عبد الله المعافري: مختلف فيه، والحديث رواه الدارمي من طريق آخر (2479)، والبيهقي أيضاً في الكبرى (9/ 126) من طريق آخر غير متصل، كما ذكر الحافظ (التلخيص: 3/ 36 ح 1171).
(2) ر. مختصر الطحاوي: 85، 286، مختصر اختلاف العلماء: 3/ 162 مسألة: 1242، اللباب 2/ 30.
(3) حديث أن " جارية بيعت دون ولدها ... "، رواه أبو داود: الجهاد، باب في التفريق بين السّبي، ح 2696، والحاكم (2/ 155) وصححه وواففه الذهبي، والدارقطني (3/ 66) والبيهقي في الكبرى (9/ 126)، والمعرفة (7/ 79).