كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 18)

باب عدّة الشهود وحيث لا يجوز النساء
قال الشافعي رضي الله عنه: " دلّ الله على أن لا يجوز في الزنا أقلُّ من أربعة ... إلى آخره " (1).
12031 - قال الأئمة: القضايا على خمسة أضرب:
المرتبة العليا منها يشترط فيها البيّنة الكاملة، [وهي] (2) أربعةٌ من الشهود الذكور، وهي الزنا، واللواطُ في معناه؛ إذا أوجبنا الحد فيه، وإن لم نوجب -على قول بعيد- فهل يشترط في ثبوته الأربعة؟ على قولين، قدمنا ذكرهما.
قال الله تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 13] وقال: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ} [النور: 13]، وقصة أبي بكرةَ مشهورة. ومقدار حاجتنا منها أن أبا بكرة كان في غرفةٍ له مع جماعةٍ منهم: نافع، ونُفَيع، وزياد، وكان المغيرة بن شعبة في غرفةٍ له بحذاء القوم، وكان أسبل ستراً، فهبّت ريحٌ، ورفعت الستر، فوقع بصر القوم عليه وهو جالس على بطن امرأةٍ [يخالطها] (3)، فجاء أبو بكرة والقوم معه إلى عمر، وشهد أبو بكرة ونافع ونفيع وجزموا شهاداتهم، فبقي زياد، واختلفت الرواية: فروي أن عمر قال له: " أرى وجه رجل أَرْيَحيّ لا يفضح الله على لسانه واحداً من أصحاب نبيّه عليه السلام، وفي بعض الروايات أنه أغلظ له القول، فقال: يا سَلْحَ (4) الغراب بم تشهد؟ فقال: رأيتُ نَفَساً يعلو، واستاً ينبو، ورأيتهما يضطربان في لحاف،
__________
(1) ر. المختصر: 5/ 246.
(2) مكان كلمة انمحت تماماً.
(3) في الأصل: " يخالط لها ".
(4) ضبطت في الأصل: بكسر السين. والسَّلْح معروف.

الصفحة 594