كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (اسم الجزء: 18)

والجزية مأخوذة من الجزاء، وهي اسم للمال المأخوذ، من أهل الذمة، وهي على وزن الفعلة، كالقِعدة، والجِلسة وبابهما.
ثم قال قائلون -من غير فكرٍ-: المأخوذ في مقابلة إسكاننا إياهم، وهذا غير سديد؛ لأن المرأة تقيم في دار الإسلام، ولا جزية عليها.
ومنهم من قال: جزاء حقن الدم. وهذا ليس مرضيّاً أيضاً؛ فإنه يثبت مع الحقن عصمة الأموال، والذراري، ووجوب الذب، فليس الحقن كلَّ المقصود، بل هو من المقاصد.
وقيل: الجِزَى (1) جزاءُ كفنا عن قتالهم في دار الإسلام سنةً، فصاعداً.
والوجه أن تُجمعَ مقاصد الكفار، ويقال هي مقابلة بالجزية، وسيكون لنا عودٌ إلى أن الجزية هل تنزل منزلة أجرة الدار المكراة أم كيف السبيل فيها؟
11434 - ثم إن الشافعي صدر الكتاب بمن تؤخذ الجزية منه من أصناف الكفار، ومن لا تؤخذ منه الجزية، ولا يقَرّر في دار الإسلام (2).
فنقول: الكفار على ثلاثة أقسام: قسم- ليس لهم كتاب، ولا شبهة كتاب، فهؤلاء لا تؤخذ منهم الجزية، ولا يقرون في دار الإسلام بالجزية أصلاً، وهم عبدة الأوثان والنيران، وما استحسنوه من الصور الحسان، فلا تعقد لهم الذمة، بل نقاتلهم
__________
= 4/ 250 ح 2918، سنن أبي داود بتحقيق محمد عوامة: 3/ 488، 489 ح 3033، 3034، 3035، عون المعبود: 8/ 289، بذل المجهود: 13/ 380، 381، معالم السنن للخطابي: 3/ 22، سنن الترمذي: الزكاة، باب ما جاء في زكاة البقر، ح 623، النسائي: الزكاة، باب زكاة البقر، ح2450 - 2453، مسند أحمد: 5/ 230، 233، 247، ابن حبان: 11/ 244 - 247 ح 4886 (طبعة شعيب الأرناؤوط)، الدارقطني: 2/ 102، مستدرك الحاكم: 1/ 398، سنن البيهقي: 9/ 193، التمهيد لابن عبد البر: 2/ 275، المحلى لابن حزم: 6/ 11 - 16، نصب الراية: 3/ 445 - 446، خلاصة البدر المنير: 2/ 359 ح 2592، نيل الأوطار: 4/ 132، سبل السلام: 2/ 250، إرواء الغليل للألباني: 3/ 269 ح 787، التلخيص: 4/ 224، 225 ح 2300).
(1) الجزى: جمع جزية، مثل سدرة، وسدر.
(2) ر. المختصر: 5/ 196، 197.

الصفحة 7