كتاب نزهة المالك والمملوك في مختصر سيرة من ولي مصر من الملوك

وقيل: إنه من قرية يقال لها: فرّان بلى (¬1).
وقيل: إنه كان يكنّى بأبي مرّة (¬2).
وملك خمس ماية عام (¬3).
وقيل: أربع ماية عام (¬4).
ولما ملكها كان عمره مائة عام. والله أعلم.
وكان سبب ملكه أنّ أهل مصر لما هلك كاشم اختلفوا على من يملكّوه من أيّ بيت، وكانوا اثنا (¬5) عشر بيتا، كل بيت يقولون: الملك منّا. فاتفقوا جميعهم وأجمعوا رأيهم على (¬6) أنهم يركبوا ويخرجوا (¬7) إلى الفجوة (¬8)، وأيّ من وجدوه مقبلا سألوه:
ممّن يكون الملك؟ فمن قال لهم عنه ارتضوا (¬9) به الجميع، ولا يخرجوا عن هذا الحكم، فلما خرجوا وجدوا فرعون وهو مقبلا (¬10) راكبا على جمل بين عدلي (¬11) نطرون، فقالوا: هكذا يحكم بيننا، فأنزلوه وقالوا له: إننا قد اتفقنا وتحالفنا على أيّ من قلت إنّه الملك ملّكناه علينا، ولا نخرج عنه.
فقال: أخاف ما تسمعوا منّي، احلفوا قدّامي، فحلّفهم بين يديه، وأكّد عليهم، فقال لهم: إنني أرى أن أملّك نفسي عليكم وتحسموا المادّة في ذلك، لأني أيّ من قلت: يكون الملك من البيت الفلانيّ، يبقى في نفوس الباقين. وأنتم على أماكنكم ومراتبكم، وأنا واحد منكم بين أيديكم إله. فوافقوه (¬12) الجميع على ذلك، وملّكوه عليهم، وألبسوه ثياب الملك، وركّبوه، ودخلوا به البلد.
فلما تمكّن من الملك أسرّ إلى غلمان الكبراء وقال لهم: أيّ من قتل أستاذه أعطيت له مكانه وأزوجته بزوجته، ودفعت له جميع ما يملكه. وواعد الجميع إلى يوم واحد، ففعلوا ذلك، وأوفا (¬13) لهم بما وعدهم، حتى تمكّن وزاد تمكّنه، قتل الغلمانّ أولا فأولا (¬14).
واستمر في الملك، وطال عمره، واغترّ، وادّعى الربوبية. وجرى له مع نبيّ الله موسى بن عمران عليه السلام ما جرى (¬15).
¬_________
(¬1) في فتوح مصر 76 «كان من فرّان بن بلى».
(¬2) فتوح مصر 77، حسن المحاضرة 1/ 18.
(¬3) فتوح مصر 78، حسن المحاضرة 1/ 18.
(¬4) فتوح مصر 78.
(¬5) الصواب: «وكانوا اثني».
(¬6) في الأصل: «أعلى».
(¬7) الصواب: «يركبون ويخرجون».
(¬8) في حسن المحاضرة 1/ 18 «إلى الفجّ».
(¬9) الصواب: «ارتضى».
(¬10) الصواب: «وهو مقبل».
(¬11) في حسن المحاضرة: «عديلتي».
(¬12) الصواب: «فوافقه».
(¬13) الصواب: «وأوفى».
(¬14) الصواب: «فأول».
(¬15) حسن المحاضرة 1/ 18.

الصفحة 52